في خطوة تعكس اهتمام تركيا المتزايد بدورها الإقليمي، عرض الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التوسط بين السودان والإمارات العربية المتحدة لحل النزاع القائم بينهما، والذي يتفاقم بسبب اتهامات بتقديم أبوظبي دعمًا عسكريًا لقوات الدعم السريع.
مبادرة أردوغان: دوافع وتوقيت
جاء العرض التركي خلال اتصال هاتفي أجراه أردوغان مع رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان. ووفقًا لبيان صادر عن مكتب الاتصالات الرئاسية التركي، أكد أردوغان على أن أنقرة ملتزمة بمبادئ السلام والاستقرار في السودان، والحفاظ على وحدته وسيادته، ومنع التدخلات الخارجية.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل يعكس عرض الوساطة رغبة تركية صادقة في إنهاء النزاع، أم أنه جزء من استراتيجية أوسع لتعزيز نفوذ تركيا في منطقة تشهد تنافسًا إقليميًا ودوليًا؟
اتهامات السودان للإمارات: بين التصعيد والنفي
على الجانب الآخر، وجه السودان عبر مندوبه في الأمم المتحدة، الحارث إدريس الحارث، اتهامات مباشرة للإمارات بإشعال فتيل الحرب من خلال دعمها العسكري لقوات الدعم السريع. ورغم نفي الإمارات لهذه الاتهامات ووصفتها بأنها “زائفة وغير مدعومة بأدلة”، إلا أن الجيش السوداني نشر في أكثر من مناسبة صورًا وتسجيلات لما قال إنها أسلحة إماراتية استولت عليها قواته من ميادين القتال.
هنا يبرز التساؤل: ما مدى صحة هذه الادعاءات؟ وهل يمكن أن تكون الاتهامات جزءًا من صراع إقليمي أوسع، خاصة في ظل المصالح المتشابكة للقوى الإقليمية في السودان؟
خلفية الصراع: تداعيات إنسانية وكارثة متفاقمة
منذ اندلاع الحرب في منتصف أبريل 2023 بين الجيش السوداني بقيادة البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، تعيش البلاد واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية. فوفقًا لتقارير الأمم المتحدة والسلطات المحلية، تجاوز عدد القتلى 20 ألف شخص، فيما نزح أكثر من 14 مليونًا عن منازلهم.
وفي ظل اتساع رقعة القتال التي شملت 13 ولاية من أصل 18، يواجه السودان نقصًا حادًا في الغذاء والمساعدات الإنسانية، مما يدفع الملايين نحو المجاعة. فهل يمكن أن تنجح الجهود الدولية والإقليمية، بما فيها المبادرة التركية، في إيقاف هذا الانهيار؟
الوساطة التركية: فرص النجاح والعقبات
من الواضح أن عرض الوساطة التركي يأتي في وقت حساس، إلا أن نجاحه يعتمد على عوامل عدة، أبرزها:
-
قبول الطرفين: هل يمكن للإمارات والسودان التوصل إلى أرضية مشتركة تقبل بموجبها وساطة تركيا؟
-
الثقة الإقليمية: هل تملك تركيا الحيادية الكافية لتكون وسيطًا موثوقًا، أم أن مصالحها في السودان قد تجعلها طرفًا غير مقبول للبعض؟
-
الدعم الدولي: هل ستحظى المبادرة التركية بدعم من القوى الدولية والإقليمية الأخرى التي لها نفوذ في السودان؟