ذات صلة

أحدث المقالات

بين “الأسف” و”الإنكار”: الجزائر تعجز عن استيعاب التحول البريطاني نحو مغربية الصحراء

لندن تدعم الحكم الذاتي... والجزائر في متاهة التناقضات: هل...

الجمعية العامة لموئل الأمم المتحدة تفتتح دورتها الثانية المستأنفة بدعوة عاجلة للعمل

افتتحت الدورة الثانية المستأنفة للجمعية العامة لموئل الأمم المتحدة...

أزمة السكن العالمية: حالة طوارئ تتطلب إجراءً جريئًا

مقال رأي بقلم: كلاوديا روزباخ - وكيلة الأمين العام...

اتضح أن اجتماع واشنطن استدعاء من الإمبراطور الأمريكي.. نتنياهو يعود فاشلًا لأرض الميعاد

فيما بدا أو هكذا هيئته وسائل الإعلام بأنه سوف يكون اجتماعًا استثنائيًا في البيت الأبيض بين بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، ودونالد ترامب، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، اتضح أنه كان استدعاء إمبراطوري من قبل الإمبراطور لأحد ولاته.

ولطالما أعجب الإسرائيليون بمقولة أن إسرائيل هي الولاية الأمريكية رقم 51، نظرًا لما يعنيه ذلك من بثٍ للإحباط وتهبيط للعزائم بالدول العربية وغير العربية بالشرق الأوسط، فمن ذا الذي يريد لبلاده الصدام أو حتى تقاطع المصالح مع الإمبراطورية الأمريكية العظمى.

ولقد كانت السماء قبل اجتماع ترامب ونتنياهو، ملبدةً بغيومٍ كثيفة سببها التكهنات حول أجندة هذا الاجتماع الغامضة، وماذا سوف يسفر عنه، ولربما اعتبر البعض أن الشرق الأوسط سيخضع لتغييرات عميقة بعده، إذ عُقد الاجتماع في ظل الضغوط القصوى التي تمارسها إدارة ترامب الجمهورية على إيران وإرسالها لتعزيزات بحرية للمنطقة ووجود تقديرات موقف ترجح احتمالية إقدام واشنطن على توجيه ضربات ضد أهدافٍ إيرانية وتنسيقها مع دولٍ عربيةٍ لتقديم الإسناد لها في حماية أجواء إسرائيل من رد فعلٍ إيراني محتمل بعد الضربات.

كما أتى الاجتماع في ظل استمرار حرب غزة الوحشية وقيام إسرائيل بإخلاء مدنٍ بالقطاع تمهيدًا لاحتلاله عسكريًا وتقطيع الأراضي المدمرة وفصلها عن بعضها، وبالإضافة للممارسات الإسرائيلية بالضفة الغربية ومدينة القدس، وبخلاف الرفض الأمريكي والإسرائيلي للخطة العربية لإعادة إعمار غزة، والضربات الإسرائيلية المستمرة على البنية العسكرية السورية وتقاطع المصالح الإسرائيلية – التركية في سوريا، وكذا القمة الثلاثية بين مصر والأردن وفرنسا بالقاهرة وموقف الدول الثلاثة من حرب غزة وتهجير الفلسطينيين.

كذلك جاء استدعاء الإمبراطور ترامب للوالي نتنياهو، بعد قرار الرسوم الجمركية الأمريكية التي كان نصيب المنتجات الإسرائيلية منها 17%.

بنيامين نتنياهو.. الرجل الذي ذهب وهو مطمئن

طيران نتنياهو إلى البيت الأبيض لم يكن مباشرًا، أي أنه لم يغادر تل أبيب متوجهًا لواشنطن، وإنما كانت الرحلة بالأساس إلى المجر وهي الدولة الأوروبية المؤيدة لسياساته اليمينية لحد أنها انسحبت من المحكمة الجنائية لأجله وطلبت منه الحضور والمشي في أراضي القارة العجوز بحرية ودون خوفٍ من الاعتقال. 

بالفعل استمتع نتنياهو في العاصمة المجرية بودابست بالأجواء شبه الربيعية ورائحة مياه نهر الدانوب المنعشة، كما استقبل بحفاوة من قبل الرئيس فيكتور أوربان الذي أمر حرس الشرف بارتداء الملابس التاريخية ترحيبًا بضيف البلاد.

وأثناء لقاء نتنياهو مع أوربان وإعلان الحكومة المجرية انسحابها من المحكمة الجنائية الدولية، اتصل الاثنان بالرئيس الأمريكي ترامب لإبلاغه بالخبر، فما كان من رئيس أكبر دولة بالعالم إلا أن طلب من نتنياهو الحضور إلى واشنطن للاجتماع به.

نتنياهو الرجل كان مطمئنًا لهذا الاتصال، ولما لا وقد اتخذ جميع الإجراءات التي تفسد أي شحنات تكون قابلة للانفجار أثناء اجتماعه بالإمبراطور ترامب، فقد قام رئيس الحكومة الإسرائيلية وقبل صعود للطائرة التي نقلته للمجر، بإلغاء جميع الرسوم الجمركية على الواردات الأمريكية وقبل إصدار إدارة ترامب لقرار الرسوم الأخيرة كنوعٍ من استباق الأحداث وهدية لـ سيد البيت الأبيض.

طار نتنياهو وزوجته سارة إلى العاصمة الأمريكية وأعصابه هادئة تمامًا، فيما منحه لقاءه مع هوارد لوتنيك، وزير التجارة الأمريكي، جرعة هدوء إضافية قبل الاجتماع المنتظر مع الإمبراطور.

أوامر وتوجيهات إمبراطورية

جاء الاجتماع بين ترامب ونتنياهو على خلاف ما توقعه الأخير في أسوأ أحلامه، فقد أعلن الرئيس الأمريكي خلال مؤتمر صحفي وأمام عدسات الكاميرات والصحفيين ما يلي:

بالنسبة للملف الإيراني: سوف تجري واشنطن وطهران محادثات مباشرة يوم السبت المقبل عبر قناة مسقط (في إشارة للوسيط العماني)، وهي القناة التي تم عبرها الاتفاق النووي إبان ولاية باراك أوباما الثانية.

أما بالنسبة للرسوم الجمركية: لا استثناء لإسرائيل من الرسوم الجمركية، ويكفي أنها تحصل من الولايات المتحدة على 4 مليارات دولار كمساعدات سنويًا.

وحول الخلافات الإسرائيلية – التركية تجاه سوريا، قال ترامب: هذه الخلافات يمكن حلها، كما نصح نتنياهو بأن يكون عقلاني، فالعقلانية وحدها يمكن أن تجد حلولًا للخلافات.

بالتالي لم يتبقى سوى أزمة غزة، وقد كرر ترامب رغبته بضم الولايات المتحدة لها.

كما كان قد أجرى ترامب مكالمة رباعية مع السيسي وماكرون والملك عبد الله، وهم المجتمعون بالقاهرة، شجع فيها على ضرورة وقف إطلاق النار بغزة، وذلك في يوم زيارة نتنياهو.

ولقد ظل نتنياهو الذكي صامتًا طوال المؤتمر الصحفي ولم يحرك لسانه، وإن عكست ملامح وجهه وطريقة جلوسه حجم الاضطرابات بداخله جراء المفاجآت المتتالية وغير المتوقعة، ولكنه ظل ذكيًا ووفيًا فهو يعلم أنه لا يجوز للوالي أن يعقب في حضرة الإمبراطور.

يبدو أن ترامب قد تغير.. وهذا ما لم يدركه نتنياهو

الرئيس ترامب يبدو أنه تغير تجاه مواقفه من بعض القضايا وهذا ما لم يدركه نتنياهو الذي ظل يتعامل معه بذات الاستراتيجية القديمة المبنية على الإطراء والتفخيم وعبارات الثناء.

الرئيس الأمريكي عقد العزم على عدم التهاون في بعض القضايا ومنها التجارة الخارجية، وبالتالي يتعين على حلفاء واشنطن دفع ضريبة هذه سياساته وبكل رضاء، كما أنه ظل يميل لوضع حل تفاوضي للمشكلة الإيرانية رغم سقف طلباته المرتفع من طهران، وكذلك لم ترقى الخلافات بين الإدارة الأمريكية وحكومة أردوغان لجعل البيت الأبيض يطلق يد تل أبيب في سوريا.

ماذا ينتظر نتنياهو بعد ذلك؟

على بنيامين نتنياهو أن يتحمل المسؤولية بعدما عاد إلى إسرائيل دون أن يحمل معه ما يصد به عن نفسه العواصف التي تنتظره بأرض الميعاد، فهناك بانتظاره مظاهرات أهالي الأسرى الموجودين لدى حماس، وهناك شبهات الفساد التي تلاحقه، وهناك تربص أحزاب المعارضة به، وهناك آخر ما توصل إليه جهاز الشباك ضد مكتبه وهي القضية المعنونة إعلاميًا بـ قطر غيت.

spot_imgspot_img