سلط تقرير بريطاني الضوء على مساعي الجزائر للترويج للمشروع الذي تهدف من خلاله إلى مزاحمة المغرب والمتمثل في خط أنبوب غاز ينتظر أن يربطها مع نيجيريا مرورا بالنيجر لكنه لم يحرز أي تقدّم، فيما يبدو أنها محاولة جديدة للتشويش على المشروع المغربي النيجيري الذي قطع أشواطا هاما على طريق التحضير، لا سيما أن 10 دول وقعت على اتفاقيات شراكة للانضمام إلى المشروع الضخم.
وأفاد مركز الأبحاث البريطاني ‘ميناس أسوشيتس’ المتخصص في التحليلات الإستراتيجية والسياسية بأن “الجزائر طلبت من جنوب إفريقيا التي تربطها بها علاقات وثيقة التدخل نيابة عنها لدى أبوجا لتغيير المعادلة لصالحها”، في أحدث مؤشر على عدم استيعاب الجزائر لتفضيل نيجيريا للمشروع المغربي مقابل تجاهل مشروعها على الرغم من أنها تتكفل بتمويله كاملا.
وكشف المركز في تقريره عن “العديد من الأسباب التي لعبت دورا في تفضيل نيجيريا لمشروع المغربي على حساب الجزائري ويتصدرها الاستقرار والأمن” إذ يعبر خط أنبوب الغاز المغرب – نيجيريا دولا لا تشهد أي اضطرابات، على عكس المشروع الجزائري الذي يمرّ من منطقة صحراواية مضطربة.
وتتوجس الجزائر من المشروع المغربي النيجيري الذي سيعبر الصحرء المغربية، ما سيشكل خطوة مهمة لتثبيث سيادة المملكة على الإقليم وهو ما سيوجه ضربة موجعة لمخططاتها الرامية إلى إطالة أمد النزاع المفتعل عبر دعمها لجبهة بوليساريو الانفصالية وتوفير الغطاء السياسي لقادتها.
ويلف الغموض مستقبل المشروع الجزائري، لا سيما وأن العلاقات بين الجزائر والحكام العسكريين في النيجر لم تستقر بعد، في وقت تتعزز فيه حظوظ المغرب لتمتين شراكاته مع دول المنطقة، لاسيما مع الترحاب الذي قوبلت به مبادرة الأطلسي التي طرحتها المملكة وتمضي على طريق تفعليها وتهدف إلى تسهيل ولوج دول المنطقة إلى المحيط.
وأعلنت نيجيريا والمغرب في العام 2016 عزمهما بناء خط الأنابيب وأجريا دراسات جدوى بشأن المشروع الضحم الذي يمر عبر نيجيريا وبنين وتوغو وغانا وكوت ديفوار وليبيريا وسيراليون وغينيا وغينيا بيساو وغامبيا والسنغال وموريتانيا، انتهاء بالمغرب.
وعلى طول نحو 5 آلاف و660 كيلومترا سيمتد أنبوب الغاز وسيتم إنجازه على مراحل لتلبية الحاجة المتزايدة للغاز في الدول التي سيعبر منها وأوروبا خلال الأعوام الخمسة والعشرين القادمة.
وفي يونيو/حزيران الماضي وقّعت كوت ديفوار وليبيريا وغينيا والبنين مذكرة تفاهم مع المغرب ونيجيريا، فيما تنضاف هذه الاتفاقية إلى مذكرات وقعت في وقت سابق.
وكشف المكتب المغربي للهيدروكاربورات والمعادن أن العام 2024 سيشهد “تأسيس الشركة المسؤولة عن تنسيق التمويل والبناء والعمليات الخاصة بمشروع أنبوب الغاز النيجيري المغربي”، وفق موقع “هيسبريس” المغربي.
وسيكون رأسمال هذه الشركة مفتوحا للمستثمرين سواء الصناديق السيادية وبنوك التنمية أو البنوك التجارية وشركات النفط العالمية وفق المصدر نفسه.
وأكد المكتب أن المشروع “قطع أشواطا مهمة على مسار تنفيذه، حيث تم مؤخرا إتمام الدراسات التفصيلية، فيما تتواصل التقييمات الميدانية ودراسة الأثر البيئي والاجتماعي سيرورتها كما هو مجدول”.
ويولي العاهل المغربي الملك محمد السادس هذا المشروع أهمية بالغة ويعتبره إستراتيجيا للمنطقة بأكملها وقال في خطاب ألقاه بمناسبة الذكرى السابعة والأربعين للمسيرة الخضراء “إنه مشروع من أجل السلام والاندماج الاقتصادي الإفريقي والتنمية المشتركة، مشروع من أجل الحاضر والأجيال القادمة”، مضيفا “نريده مشروعا استراتيجيا لفائدة منطقة غرب إفريقيا كلها التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 440 مليون نسمة”.
وأكد “بالنظر إلى البُعد القارّي لأنبوب الغاز نيجيريا – المغرب، فإنّنا نعتبره أيضًا مشروعًا مهيكلًا يربط بين إفريقيا وأوروبا”.
ويرى مراقبون أن خط أنبوب الغاز الإفريقي – الأطلسي نيجيريا – المغرب سيشكل رافعة إستراتيجية للاندماج الإقليمي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية لمجموع بلدان غرب إفريقيا.