وزير الثقافة المغربي السابق يحذر من تداعيات مقترحات التهجير ويُحلل الأبعاد الجيوسياسية للقضية الفلسطينية في ظل الضغوط الأمريكية
في مباراة سياسية ساخنة، حيث تتقاطع المصالح الدولية مع الحقوق التاريخية، يخرج الحسن عبيابة، وزير الثقافة المغربي السابق، ليُدلي برأيه حول مقترحات تهجير الفلسطينيين، في تحليلٍ يُشبه تكتيكًا استراتيجيًا لفريق يواجه ضغوطًا هائلة من خصم قوي. عبيابة، الذي يرأس مركز ابن بطوطة للدراسات والأبحاث الاستراتيجية والعلمية، يُحذر من أن هذه المقترحات ليست مجرد خطوة لإعادة الإعمار، بل هي محاولة لـ”تهجير القضية الفلسطينية” بأكملها.
الضغوط الأمريكية على مصر: لعبة جيوسياسية خطيرة
في حديثه مع “سبوتنيك”، كشف عبيابة عن الضغوط الهائلة التي تمارسها الولايات المتحدة على مصر لتهجير الفلسطينيين إلى أراضيها. هذه الضغوط، وفقًا لتحليله، قد تؤدي إلى تغييرات جذرية في البنية السكانية والسياسية والاجتماعية لمصر، بل وقد تُخلق “غزة جديدة” داخل الأراضي المصرية، مع كل ما تحمله من أبعاد جيوسياسية معقدة.
هنا يبرز سؤال جوهري: هل يمكن لمصر أن تتحمل تبعات هذه الخطوة؟ وما هي التداعيات المحتملة على استقرارها الداخلي وعلى علاقاتها مع الدول العربية الأخرى؟ عبيابة يُشير إلى أن هذه الخطوة قد تُضعف الموقف العربي الموحد، خاصة في ظل العلاقات الاستراتيجية التي تربط العديد من الدول العربية بالولايات المتحدة.
تهجير القضية أم إعادة الإعمار؟
عبيابة يؤكد أن فكرة التهجير ليست جزءًا من عملية إعادة الإعمار، بل هي محاولة لتهجير القضية الفلسطينية من جذورها. ويُشدد على أن الحل الوحيد يكمن في إحياء فكرة حل الدولتين، مع ضمانات دولية تشرف عليها الأمم المتحدة. لكن هل يمكن تحقيق هذا الحل في ظل التشرذم الفلسطيني والانقسامات العربية؟
هذا السؤال يفتح الباب أمام تحليل أعمق للأوضاع الداخلية الفلسطينية. عبيابة يرى أن توحيد القيادات الفلسطينية في هياكل ديمقراطية موحدة هو شرط أساسي لبناء دولة فلسطينية مستقلة. لكن في ظل الانقسامات الحالية، يبدو هذا الهدف بعيد المنال.
الوحدة العربية: حلم أم وهم؟
في تحليله لوحدة الصف العربي، يرى عبيابة أن تحقيق موقف عربي موحد يبقى أمرًا صعبًا في ظل التحولات الجيوسياسية العميقة التي شهدها العالم العربي في العقدين الماضيين. ويُشير إلى أن مصالح الدول العربية الاستراتيجية لم تعد مرتبطة ببعضها البعض، بل أصبحت مرتبطة بشكل أكبر مع القوى الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة.
هنا يطرح عبيابة سؤالًا محوريًا: هل يمكن للدول العربية أن تتوحد في موقف رافض للتهجير، رغم اختلاف مصالحها؟ الإجابة التي يقدمها ليست متفائلة، حيث يرى أن أفضل ما يمكن توقعه هو التفاوض لتأخير تنفيذ المقترحات الأمريكية، وليس مواجهتها بشكل مباشر.
دور الدول العربية المعتدلة: هل يمكن أن تكون المنقذ؟
في ظل هذا التشرذم، يرى عبيابة أن الدول العربية المعتدلة، مثل المغرب والسعودية والإمارات وقطر ومصر، هي المؤهلة لقيادة الموقف العربي في هذه اللحظة التاريخية الصعبة. لكن هل تمتلك هذه الدول الإرادة السياسية لتحقيق ذلك؟ وما هي التحديات التي تواجهها في ظل الضغوط الدولية؟
عبيابة يُشير إلى أن العالم العربي لم يعد اللاعب الوحيد في القضية الفلسطينية، حيث تلعب دول إقليمية مثل تركيا وإيران أدوارًا مؤثرة في تحقيق السلام في الشرق الأوسط. وهذا يفتح الباب أمام سؤال آخر: هل يمكن أن تكون هذه الدول حليفًا للعرب في مواجهة الضغوط الأمريكية، أم أنها ستزيد من تعقيد المشهد؟
الخاتمة: القضية الفلسطينية في مفترق طرق
في النهاية، يُقدم الحسن عبيابة تحليلًا عميقًا للأبعاد الجيوسياسية للقضية الفلسطينية، محذرًا من أن مقترحات التهجير ليست مجرد خطوة لإعادة الإعمار، بل هي محاولة لتهجير القضية بأكملها. ويُشدد على أن الحل الوحيد يكمن في توحيد الصف الفلسطيني والعربي، مع ضمانات دولية تشرف عليها الأمم المتحدة.
لكن في ظل التشرذم العربي والضغوط الدولية، يبقى السؤال الأكبر: هل يمكن تحقيق هذا الحل؟ أم أن القضية الفلسطينية ستظل رهينة للصراعات الجيوسياسية في المنطقة؟ الإجابة ستحددها الأيام القادمة، لكنها بالتأكيد ستترك أثرًا عميقًا على مستقبل الشرق الأوسط.