ذات صلة

أحدث المقالات

حين تضلّل الكاميرا الحقيقة: كيف شوّه بعض الإعلام العربي صورة “كان 2025” في المغرب؟

التضليل الإعلامي في تغطية كأس أمم إفريقيا بالمغرب: قراءة...

الرؤية السديدة للدبلوماسية الملكية الاقتصادية قاطرة للريادة الإفريقية

  تميزت المملكة المغربية في عهد جلالة الملك محمد السادس...

برنامج الأغذية العالمي يُكثف جهوده لإنقاذ أكثر من 200 آلاف متضرر بشرق الكونغو

ذكر برنامج الأغذية العالمي أنه يُكثف جهوده لتقديم مساعدات...

الرؤية السديدة للدبلوماسية الملكية الاقتصادية قاطرة للريادة الإفريقية

 

تميزت المملكة المغربية في عهد جلالة الملك محمد السادس نصره الله بتغيير إيجابي ملموس في عدة مجالات في إطار الرؤية الملكية السديدة لصناعة مغرب الغد، برهان واضح سيجعل المغرب قريبا في مصاف الدول المتقدمة.

فقد تبنى المغرب منذ ربع قرن سياسة خارجية تركز بالأساس على الدبلوماسية الاقتصادية، التي تعتبر ركنا أساسيا في المدرسة السلوكية التي تتبناها الدول القوية، والتي ترتكز بالأساس على التموقع الإستراتيجي والتنمية الاقتصادية.

إلا أن السياسة الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، أضافت مبدأ آخر، يشمل الجانب الإنساني التشاركي، من خلال اعتماد مبدأ رابح رابح، الذي من خلاله عاد المغرب للريادة الاقتصادية على المستوى الإفريقي، فكان له دور فعال وإيجابي في تطوير الإقتصاد القاري، فأضحت البصمة المغربية واضحة على مجموعة من الدول الإفريقية، ولعل موقع المغرب الإستراتيجي والسياسي والتاريخي، جعل منه قائدا للمنطقة، في ظل شراكاته وعلاقاته التاريخية مع كبريات الدول الإقتصادية العالمية، وهو ما جعله نقطة عبور سياسية دبلوماسية قادرة على خلق جسر قوي للدبلوماسية الإقتصادية الأفرو – عالمية.

من بين هذه المكتسبات التي يسعى المغرب من خلالها لتكريس هذا التوجه السياسي الناجح، المبادرة الأطلسية، التي فرضت نفسها بقوة، فجعلت مشروع دول الساحل الكلاسيكي في مهب الريح، فقد جائت المبادرة الأطلسية برؤية استراتيجية سياسية وإقتصادية أكثر وضوحا، تشمل جميع التفاصيل الصغيرة، وهو ما سينعكس إيجابا على جميع دول العالم، خاصة بعد خروج ميناء الداخلة الأطلسي إلى الوجود، والذي من خلاله ستجسد المبادرة بشكل فعلي، وتكرس مبدأ رابح رابح في التبادل المغربي الإفريقي، باعتبار المغرب البوابة الإفريقية الأطلسية الأقوى والأفضل على الإطلاق.

وفي هذا الإطار، حرص جلالة الملك منذ ربع قرن من الزمن على تقوية الاقتصاد الوطني والقاري، من خلال استقطاب المشاريع الصناعية السيادية، التي من شأنها خلق مناخ اقتصادي قاري قوي، يحقق الأمن الاقتصادي للقارة الإفريقية تحت القيادة المغربية، وهو ما تحقق في مجال صناعة السيارات، حيث تقدم المغرب بخطى ثابتة، لكنها واثقة، فاستطاع تسيد القارة في صناعة وتصدير السيارات رغم المنافسة القوية، من خلال الرؤية الملكية السديدة، عبر استقطاب عدد من شركات صناعة السيارات التي جعلت من المغرب مقرا صناعيا، أو تجاريا لها.

طموح المملكة المغربية تحت القيادة الحكيمة لصاحب الجلالة لم يتوقف عند اكتساح صناعة السيارات، بل إستطاع المغرب بهدوء، تحقيق حلم إفريقي كان مستحيلا في الأيام القليلة الماضية، من خلال احتضان أكبر الصناعات العالمية، وهي صناعة الطيران.

فبعد أن كانت صناعة الطائرات مجرد حلم إفريقي، إن لم نقل حقيقة أمريكية أوروبية فقط، تمكن المغرب من خلال إعتماد سياسة خارجية تجعل من الدبلوماسية الإقتصادية خارطة طريق لمغرب إفريقيا المستقبلي، من كسر هذا المنطق، من خلال استقطاب كبريات شركات صناعة الطيران المدني و العسكري.

المغرب اليوم قدم نفسه كفاعل أساسي في صناعة الطيران، باحتضانه لشركات صناعة أجزاء الطائرات، من هياكل وأجنحة وقطع غيار، وصولا إلى شركة صناعة محركات الطائرات، وقد ساهم تخصيص أرضية خصبة وتسهيلات خاصة، إضافة إلى توفير مراكز تكوين تقنية ويد عاملة شابة ومؤهلة وفق التوجه الإستراتيجي لهذه الشركات، في إختيارها الإستثمار بالمغرب والإستقرار به.

وبلغة الأرقام، المغرب تمكن من تحقيق رقم معاملات قوي بلغ 2.5 مليار أورو سنويا، عبر ما يقارب 150 مقاولة في قطاع الطيران، يوفر ما يقارب 26 ألف منصب شغل، بكل من مدن الدار البيضاء، الرباط، فاس وطنجة، وفق ما جاء في تصريح وزير الصناعة و التجارة المغربي “رياض مزور” لصحيفة “le point” الفرنسية.

رغم التميز الكبير الذي جعل المملكة المغربية رائدة في صناعة الطيران العالمي، لكن يبقى الطموح المغربي، وفق تحليلنا الإستراتيجي الخاص، أكبر مما هو عليه الآن، فالمغرب في طريقه إلى تحقيق معادلة إستثنائية، من خلال خلق أول مجمع عالمي لصناعة الطيران، وهو حلم كان يبدو مستحيلا في ظل الصراعات والخلافات بين الدول الصناعية الكبرى، إلا أن السياسة الدبلوماسية المثالية للمغرب، التي تميل إلى السلم والأمن الدوليين، جعل منه أكثر الدول استقرارا على المستوى السياسي والأمني، الذي يعتبر من بين أقوى مؤشرات العمل الدبلوماسي الاقتصادي، وهو ما يعني قوة السيادة الوطنية، والإستثمار يتبع السيادة وفق المقولة العالمية الشهيرة “Money Follows the Flag” “المال يتبع الراية” فقد إستطاع المغرب استقطاب شركات صناعة أجزاء الطائرات و برمجياتها، بعد كسب ثقة الشركات العملاقة في مجال الطيران، فأثمرت هذه الرؤية السديدة للدبلوماسية الملكية الذكية، تهافت المقاولات الصناعية الأخرى المرتبطة بهذه الشركات، من أجل ترشيد أرباحها من خلال إلغاء الجانب اللوجستي الذي كان سببا في إرتفاع تكاليف التجميع، و المغرب حريص على الإستثمار في هذا التحدي المشترك، الذي سينقل المغرب من محتضن لشركات صناعة الطيران، إلى أول دولة إفريقية عربية أمازيغية، صانعة للطائرات.

فليس من السهل تجميع شركات مثل “Boeing, Airbus, Safran, China Eastern, Magniti Marelli, Euro, Yazaki” و شركات أخرى لا يسعنا المجال لذكرها بالتفصيل، فبعد اكتمال عدد الشركات القادرة على إنتاج جميع مكونات صناعة طائرة بأكملها، وهذا ما يهدف إليه المغرب في رؤيته الاستراتيجية للاستثمار في صناعة الطيران، لن يقال أن المغرب له بصمة في كل طائرات العالم ولو بأكسيسوار صغير فقط، بل سيقال في المستقبل القريب، هذه الطائرة صنعت بالمغرب.

قد يكون هذا الكلام في عداد الأحلام السعيدة اليوم، لكنه تحليل استباقي لمغرب الغد، الذي جعل من الدبلوماسية الملكية الإقتصادية أساس السياسة الخارجية، لكن بمبدأ رابح رابح مع دول الجوار الجغرافي، والمشاريع الصناعية والتجارية المغربية رغم تنوعها و اختلافها، إلا أنها تسير بخطى ثابتة نحو جعل المغرب نقطة عبور جيو-اقتصادية آمنة، وضامنة لسلامة المال العالمي مقابل تحسين الأوضاع الاقتصادية للقارة الإفريقية.

spot_imgspot_imgspot_imgspot_img