ذات صلة

أحدث المقالات

صحيفة الأهرام القاهرية تبرز في افتتاحيتها تطور العلاقات المصرية – المغربية

أبرزت صحيفة الأهرام القاهرية، كبرى الصحف المصرية المملوكة للدولة...

المغرب وكينيا: هل نحن أمام تحوّل إفريقي يتجاوز الانتصار الدبلوماسي؟

قراءة في مقال عزيز رباح حول الشراكة المغربية الكينية في...

الملك يُقصي أخنوش من ملف الدعم الفلاحي: ضربة بروتوكولية أم تحجيم سياسي؟

في مشهد سياسي لافت، حمل المجلس الوزاري المنعقد تحت رئاسة الملك محمد السادس بالرباط، قرارًا اعتبره متابعون ضربة مباشرة لرئيس الحكومة ووزير الفلاحة السابق، عزيز أخنوش، حين صدر توجيه ملكي واضح ينص على أن تُسند مهمة تأطير وتوزيع الدعم للفلاحين إلى لجان تحت إشراف وزارة الداخلية، وليس وزارة الفلاحة كما جرت العادة.

ورغم الصيغة التقنية للبيان الرسمي، إلا أن خلفيات القرار وتوقيته تقود إلى قراءة سياسية أعمق، خصوصًا في ظل فضيحة “دعم القطيع” التي هزت الرأي العام العام الماضي، بعد أن استفاد 18 وسيطًا (شناقًا) من أزيد من 13 مليار سنتيم في عملية توزيع دعم مشبوهة، وُصفت من داخل الحكومة نفسها بغير الأخلاقية.

هل فقد أخنوش أحد مفاتيحه الاستراتيجية؟

عندما يُسحب من وزارة الفلاحة – التي ترأسها أخنوش لعقود وكان يُشرف على “مخططاتها الخضراء” – ملف حساس كدعم الفلاحين، وتُسند المهمة لوزارة الداخلية، فإن ذلك يطرح أكثر من سؤال:

  • هل الملك فقد الثقة في قدرة وزارة الفلاحة على تدبير ملفات الدعم بعيدًا عن شبهات المحاباة والفساد؟

  • هل نعيش بداية نهاية تغوّل “منظومة أكوا” في مفاصل الدولة؟

  • ما الرسائل التي تُبعث إلى الداخل والخارج حول حدود تداخل السلطة السياسية مع المصالح الاقتصادية؟

وزير الداخلية… لاعب جديد في ملف اجتماعي حساس

إسناد الإشراف على الدعم للفلاحين إلى وزارة الداخلية، التي يقودها عبد الوافي لفتيت، المعروف بتوجهه الإداري الصارم وبُعده عن الدوائر الاقتصادية لأخنوش، يعني إدخال توازن جديد على مستوى تدبير ملفات السيادة الاجتماعية. وهذا تحول في منطق الحكامة قد يمهد لتغييرات أوسع في أسلوب تدبير الملفات ذات الطابع الحساس، خاصة تلك التي تلامس الأمن الغذائي والعدالة المجالية.

فضيحة “الفراقشية”… القشة التي قصمت ظهر “الأخنوشية”؟

فضيحة دعم رؤوس الأغنام التي فجّرها نزار بركة، وزير التجهيز والماء، لم تمر مرور الكرام. فأن يصل صدى الفساد إلى القصر، معناه أن خطوطًا حمراء تم تجاوزها. ومن المثير أن يتم تجريد وزارة الفلاحة من صلاحياتها في صمت رسمي، لكن بحضور معنوي قوي من مؤسسة الملك، في إشارة إلى أن السياسة في المغرب تُدار أحيانًا بإشارات غير معلنة، ولكنها واضحة لمن يفهم من السياق.

السؤال الأكبر: هل بدأ العد العكسي لأخنوش السياسي؟

منذ تعيينه على رأس الحكومة، بدا أن عزيز أخنوش يتحرك في فضاء محمي، واضعًا مقربين منه من رجال أعمال ومدراء شركات وحتى سكرتيرات في مناصب وزارية ومؤسساتية مفصلية. لكن، هل لا يزال هذا النموذج مقبولًا في مغرب 2025، حيث الأزمة الاقتصادية والاجتماعية تزداد تعقيدًا، والمطالب بالمحاسبة والعدالة الاقتصادية تتصاعد؟

إشارة القصر – حتى وإن لم تُصرّح بذلك – تقول بوضوح إن الخلط بين المسؤولية الحكومية والمصالح الخاصة لم يعد مغفورًا، وإن أخنوش، الذي راهن على الاقتصاد كمدخل للسلطة، بدأ يخسر إحدى أوراقه الأهم: التحكم في القطاع الزراعي والدعم العمومي المخصص له.

خلاصة أولية وتحليل استباقي:

قد يكون هذا القرار الملكي أكثر من مجرد تعديل إداري، وقد يكون مقدمة لتحجيم دور سياسي واقتصادي تمدد بشكل غير مسبوق في السنوات الأخيرة. والسؤال المطروح اليوم: هل يكون دعم الفلاحين هو بداية تفكيك “دولة أكوا”؟ أم أن أخنوش سيعيد ترتيب أوراقه للعودة من بوابة أخرى؟

في الحالتين، الرسالة وصلت، والأيام القادمة كفيلة بكشف ملامح المرحلة الجديدة في علاقة المؤسسة الملكية بالحكومة، وعلاقة المال بالسلطة.

spot_imgspot_img