ذات صلة

أحدث المقالات

بوكان في الرباط: دبلوماسية الرمزية وتأكيد الدينامية الأمريكية-المغربية

وصل السفير الأمريكي الجديد لدى المغرب، ديوك بوكان، صباح اليوم الثلاثاء إلى العاصمة الرباط، في لحظة تنطوي على أكثر من مجرد طقوس دبلوماسية روتينية. رفع العلم الأمريكي فوق مقر إقامته، وسط مشاركة عناصر من مشاة البحرية، ليس مجرد مشهد رمزي، بل إشارة واضحة إلى نية واشنطن إعادة رسم ديناميات حضورها السياسي والدبلوماسي في شمال أفريقيا، وتعزيز شراكة تمتد لأكثر من ربع قرن وثلاثة عقود من التعاون الاستراتيجي بين الرباط وواشنطن.

إن وصول بوكان، ومباشرته لأنشطته الرسمية فور هبوطه في المغرب، يعكس الاهتمام الأمريكي بالتأكيد على ثبات العلاقة الثنائية، ليس فقط على مستوى البروتوكول، بل على مستوى التأثير الفعلي في القضايا الإقليمية الحساسة، لا سيما الصحراء المغربية.

فالخطوة الرمزية لرفع العلم، بجانب استحضار ذكرى 250 سنة من الصداقة المغربية-الأمريكية، تكشف عن رغبة الإدارة الأمريكية في تقديم هذه العلاقة على أنها معيار ثابت للشرعية والاعتراف الدولي بالمغرب كحليف أساسي في المنطقة.

لكن السياق السياسي الذي يحيط بقدوم السفير الجديد يتجاوز الاحتفال بالتاريخ المشترك. ففي جلسة تثبيته بمجلس الشيوخ الأمريكي في يوليوز الماضي، أكد بوكان موقف بلاده من النزاع الإقليمي في الصحراء، معتبراً الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب “الحل الوحيد الجاد وذو المصداقية”، ومشدداً على ضرورة حث جميع الأطراف المعنية على الدخول في مفاوضات مباشرة دون تأخير. هذا الموقف يأتي متسقاً مع تصريحات وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو في أبريل الماضي، ليؤكد أن واشنطن لا ترى أي بديل حقيقي سوى دعم المخطط المغربي للحكم الذاتي كحل سياسي دائم.

في التحليل الأعمق، يمكن القول إن وصول بوكان يمثل مرحلة جديدة من الرهان الأمريكي على المغرب كركيزة استقرار واستثمار استراتيجي في شمال إفريقيا، في وقت تتزايد فيه التعقيدات الإقليمية. إن الرمزية والطقوس، من رفع العلم إلى الإعلان عن الشراكة التاريخية، ليست مجرد مراسم فارغة، بل أدوات دبلوماسية تشتغل على البعد الرمزي لتعزيز الثقة، وتأكيد المصالح المشتركة، وتحفيز الدينامية السياسية والاقتصادية بين البلدين.

بوكان، إذن، لا يصل فقط كسفير، بل كممثل لمرحلة جديدة من التفاعل الأمريكي-المغربي، تقوم على الاعتراف، الدعم السياسي، واستراتيجيات تحالف أكثر عمقاً واستدامة، مع الإشارة إلى أن هذه الرسائل الرمزية والسياسية ستظل محور مراقبة وتحليل داخل الرباط وواشنطن على حد سواء.

spot_imgspot_img