ذات صلة

أحدث المقالات

جنوب إفريقيا وصحراء المغرب: تحول سياسي في الموقف أم مناورة انتخابية؟

تصريح زوما وحزب MK يؤكدان دعم الحكم الذاتي… هل...

حين لا يكفي فتح المعابر: هل تصمد الشراكة المغربية الإسبانية أمام موجة التحريض؟

بين الشراكة الرسمية والكراهية اليومية: عندما تصطدم عملية "مرحبا"...

الأمم المتحدة والحكومة المصرية تحتفلان بيوم السكان العالمي

احتفل صندوق الأمم المتحدة للسكان ووزارة الصحة والسكان المصرية،...

يهود مغاربة يعودون من إسرائيل إلى المغرب: حنين إلى الجذور أم هروب من واقع مضطرب؟

في تحول ديمغرافي وثقافي غير مسبوق، بدأت ظاهرة الهجرة...

جنوب إفريقيا وصحراء المغرب: تحول سياسي في الموقف أم مناورة انتخابية؟

تصريح زوما وحزب MK يؤكدان دعم الحكم الذاتي… هل يشكل هذا بداية تغير في دبلوماسية القارة؟

في خطوة أثارت اهتمام الدبلوماسية المغربية والعلاقات الإفريقية، أعلن جاكوب زوما، الرئيس السابق لجنوب إفريقيا وزعيم حزب “أومكونتو وي سيزوي” (MK)، دعم حزبه لمقترح الحكم الذاتي المغربي في ملف الصحراء، مؤكدًا أن هذا الحل “سيتيح حكامة محلية ملموسة مع ضمان سيادة المغرب على الصحراء”.

يأتي هذا التصريح، الذي جاء عقب لقاء زوما مع وزير الشؤون الخارجية المغربي ناصر بوريطة، في وقت تظل فيه جنوب إفريقيا من الدول الإفريقية التي عرفت تاريخيًا مواقف متباينة في النزاع، حيث احتضنت دعم جبهة البوليساريو، ومقرها بمدينة ويسترو، كجزء من سياسة تضامنها مع حركات التحرر الإفريقية في فترة ما بعد الفصل العنصري.

خلفية تاريخية وتحليل المواقف السابقة

لطالما كانت جنوب إفريقيا إحدى الدول الإفريقية القليلة التي تعترف بجمهورية “الصحراء الغربية” (SADR) التي أعلنتها البوليساريو، واحتضنت مقرها الإفريقي على أراضيها. وكان حزب المؤتمر الوطني الإفريقي (ANC)، الحزب الحاكم حاليًا، يعبر عن دعمه القوي للبوليساريو كجزء من توجهه المناهض للاستعمار ومناصرته لحركات التحرر.

ومع عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي عام 2017، بدأت تظهر بوادر تغيّر في بعض المواقف، وإن بقي دعم ANC رسمياً للبوليساريو، كما يبرز تباين واضح بين الأحزاب والمنظمات السياسية داخل جنوب إفريقيا.

حزب MK: دعم الحكم الذاتي خطوة عملية وسلمية

أوضح زوما، في بيانه الأخير، أن حزب “أومكونتو وي سيزوي” الذي أسسه حديثًا عام 2023، يتبنى رؤية مختلفة ترفض الاستمرار في النزاع، معتبرًا أن الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو “حل واقعي يعزز السلام والاستقرار والتنمية في المنطقة”.

وأكد البيان الصادر عن الحزب أن الصحراء “كانت جزءًا من المغرب قبل الاستعمار الإسباني، وأن الروابط التاريخية بين القبائل والعرش المغربي تعزز هذه الحقيقة”، مشيرًا إلى أن “المجتمع الدولي مطالب بأخذ هذه الحقائق بعين الاعتبار”.

قراءة استراتيجية: ما دلالة الموقف؟

يرى مراقبون أن هذا الموقف قد يكون مدفوعًا بعدة عوامل، منها سعي حزب MK لبناء قاعدة انتخابية داخل الجالية الجنوب إفريقية ذات الأصول المغاربية، بالإضافة إلى محاولة استغلال الزخم الدبلوماسي الذي يحظى به المغرب على المستوى الدولي، خصوصًا مع دعم متزايد من القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة وفرنسا وإسبانيا.

كما يمثل الموقف إشارة إلى وجود انقسامات عميقة داخل الطبقة السياسية الجنوب إفريقية بين الأحزاب التقليدية والحركات الجديدة، وهو ما يعكس توازنًا دقيقًا في السياسة الخارجية لجنوب إفريقيا تجاه ملف الصحراء.

مؤسسات ومصادر رسمية جنوب إفريقية: تحيز تاريخي ومتغيرات حديثة

تُظهر مراجعة لبعض المواقع الحكومية الجنوب إفريقية مثل وزارة العلاقات الدولية والتعاون (DIRCO) والبرلمان، استمرار دعمها لما يسمى بجبهة البوليساريو الانفصالية في تصريحات سابقة، مع محاولة تحديث لهجتها في مواجهة التحولات الدبلوماسية الإقليمية.

لكن بعض المواقع الأخرى، ومن ضمنها تقارير ومقالات من مراكز أبحاث مستقلة مثل معهد الدراسات الأمنية (ISS) في كيب تاون، بدأت تشير إلى صعوبة استمرار الدعم الكامل للبوليساريو في ظل التغيرات الجيوسياسية والضغوط الدولية، مما يفتح الباب أمام قبول حلول وسطية مثل الحكم الذاتي.

الخلاصة والتوصيات

يمثل إعلان حزب MK خطوة نوعية في تحوّل المواقف داخل جنوب إفريقيا، ويمنح الدبلوماسية المغربية فرصة مهمة لتعزيز حضورها وتأثيرها داخل القارة الإفريقية.

لكن التحدي الحقيقي يكمن في كيفية استثمار هذا الموقف ضمن شبكة علاقات أكثر اتساعًا تشمل الحزب الحاكم ANC، ومنظمات المجتمع المدني، بالإضافة إلى العمل على توضيح التاريخ والحقوق المغربية للصحراء بشكل منهجي.

يبقى الملف مفتوحًا على احتمالات عديدة، ولكن من الواضح أن المغرب يمتلك اليوم ورقة ضغط قوية على الساحة الإفريقية من خلال تحولات مثل موقف زوما وحزب MK، وهو ما يستدعي تحركًا دبلوماسيًا متصاعدًا وممنهجًا لمواكبة هذه التطورات.

spot_imgspot_img