ذات صلة

أحدث المقالات

جنوب إفريقيا وصحراء المغرب: تحول سياسي في الموقف أم مناورة انتخابية؟

تصريح زوما وحزب MK يؤكدان دعم الحكم الذاتي… هل...

حين لا يكفي فتح المعابر: هل تصمد الشراكة المغربية الإسبانية أمام موجة التحريض؟

بين الشراكة الرسمية والكراهية اليومية: عندما تصطدم عملية "مرحبا"...

الأمم المتحدة والحكومة المصرية تحتفلان بيوم السكان العالمي

احتفل صندوق الأمم المتحدة للسكان ووزارة الصحة والسكان المصرية،...

يهود مغاربة يعودون من إسرائيل إلى المغرب: حنين إلى الجذور أم هروب من واقع مضطرب؟

في تحول ديمغرافي وثقافي غير مسبوق، بدأت ظاهرة الهجرة...

“حرب خفية ضد الجالية المغربية في إسبانيا”.. ليلتان من الرعب، وتهديدات متطرفة، وصمت رسمي يُثير الريبة

من مورسيا إلى كاتالونيا، ومن Torre Pacheco إلى بييرا، عاش مغاربة إسبانيا خلال الأيام الماضية لحظات عنف غير مسبوق، أعادت إلى الأذهان مشاهد مطاردة المهاجرين في أحلك أزمنة أوروبا.

وفي ظل هذا التصعيد، الذي شهد اعتداءات جسدية، وتهديدات علنية على شبكات التواصل، وموجة تحريض وصلت إلى حدّ الحديث عن “حرب دموية” ضد المغاربة، ظلّ الموقف الرسمي المغربي صامتًا بشكل مريب، دون بيان، دون إدانة، ودون حضور دبلوماسي فاعل.

الاعتداءات تبدأ من مورسيا.. وتنذر بالتمدد

في بلدة “Torre Pacheco” بإقليم مورسيا، تعرّض عدد من المواطنين المغاربة لاعتداءات عنيفة نفذتها مجموعات متطرفة، استخدمت فيها العصي والحجارة، واستهدفت منازل ومحلات يملكها مهاجرون مغاربة.

مصادر محلية وصفت ما جرى بـ“مطاردة منظمة” للمغاربة، على خلفية اتهام شاب مغربي بالاعتداء على عجوز إسباني. لكن ما لبثت الحادثة أن تحوّلت إلى ذريعة لتصفية حسابات عنصرية، وسط تقاعس أمني جزئي، وإعلام محلي يُضخم الاتهامات دون التثبت من الوقائع.

ورغم تدخل الحرس المدني الإسباني لتهدئة الأوضاع، فقد وقعت إصابات في صفوف المغاربة، كما تم تسجيل أضرار مادية جسيمة في ممتلكاتهم، بينما لم يصدر أي بيان من الخارجية المغربية أو من قنصليات المملكة في إسبانيا، الأمر الذي خلّف حالة من الغضب في أوساط الجالية.

التحريض يمتد: “19 يوليوز ستكون البداية”

الأخطر أن هذه الاعتداءات لم تكن مجرد ردّ فعل غاضب، بل يبدو أن هناك تنظيمًا رقميًا موازٍ يُحرّض على العنف ضد الجالية المغربية.

فقد تداولت حسابات تنتمي لتيارات يمينية متطرفة مقاطع فيديو تتوعد المغاربة بـ“حرب دموية تبدأ يوم 19 يوليوز الجاري”، ما أثار هلعًا حقيقيًا داخل الأحياء ذات الكثافة المغربية، وسط غياب أي تحركات استباقية لحمايتهم.

الهجوم على مركز إسلامي قرب برشلونة

في السياق ذاته، تعرض مركز إسلامي في بلدة “بييرا” قرب برشلونة لهجوم ليلي عنيف أسفر عن حريق كبير.

السلطات رجّحت أن يكون الحادث بدافع انتقامي، خاصة بعد تصاعد خطابات الكراهية والتحريض ضد المسلمين. وقد أعاد هذا الهجوم إلى الواجهة أحداثًا مشابهة، أبرزها جريمة مقتل الشاب المغربي يونس بلال سنة 2021 في مورسيا، بعدما أطلق عليه متطرف الرصاص وهو يصرخ بشعارات عنصرية. كما سُجلت حالات تدنيس لمساجد بوضع رؤوس خنازير أمام أبوابها، في مشاهد صادمة تتعارض مع كل المواثيق الحقوقية الأوروبية.

الجالية المغربية.. أكبر جالية أجنبية بدون حماية؟

يُشار إلى أن الجالية المغربية في إسبانيا هي الأكبر عددًا بين الجاليات الأجنبية، حيث تجاوز عددها 1.1 مليون نسمة، حسب المعهد الوطني للإحصاء.
ومنذ عام 2018، حصل أكثر من 261 ألف مغربي على الجنسية الإسبانية، ما يجعلهم أيضًا جزءًا من النسيج القانوني والاجتماعي للدولة الإسبانية.
لكنّ التحديات القانونية المرتبطة بازدواج الجنسية (حيث لا تعترف إسبانيا بالجنسية المزدوجة، بينما المغرب لا يسقط الجنسية عن رعاياه)، تضع هذه الفئة في موقع رمادي بين دولتين لا تُنسّقان بشكل كافٍ لحمايتهم.

أين الدولة؟ وأين الحماية؟

في ظل هذه التهديدات الصريحة، والهجمات الفعلية، والمطالبات الشعبية بتوفير الحماية، خرج الاتحاد الإسباني للهيئات الدينية الإسلامية ببيان يطالب الحكومة الإسبانية باتخاذ إجراءات عاجلة لحماية المراكز الإسلامية، ومعاقبة المتورطين في التحريض والاعتداءات، والحدّ من تفشي الخطاب العنصري.

أما من جهة المغرب، فالصمت هو السائد…لا تصريحات رسمية، لا بلاغات من القنصليات، ولا تنديد من وزارة الخارجية.

هذا الفراغ المؤسساتي يطرح أسئلة مقلقة: هل يُنظر إلى مغاربة الخارج فقط كمصدر لتحويلات مالية؟ أم أن الدولة تعتبرهم مواطنين فقط في الأعياد والمناسبات؟

المطلوب اليوم: موقف رسمي، قبل أن تقع الكارثة

التحريض الذي يروج له المتطرفون في إسبانيا ليس افتراضيًا فقط، بل يتجه نحو تنفيذ ميداني عنيف، وقد تكون ليلة 19 يوليوز موعدًا لأحداث أكثر خطورة.

وفي غياب تحرك رسمي مغربي، يخشى المتابعون أن تتحول بعض المدن الإسبانية إلى بؤر صدام ودم، يكون المغاربة فيها هم الضحية السهلة الأولى.

المطلوب اليوم ليس فقط الشجب، بل موقف دبلوماسي مغربي واضح، وتحرك استباقي من القنصليات والسفارات، لتأمين الحماية، وتقديم الدعم القانوني والنفسي للمواطنين المستهدفين.

فالجالية المغربية في إسبانيا، ليست مجرد رقم اقتصادي في ميزانية الدولة، بل رأسمال وطني استراتيجي، يحتاج إلى دولة تقف إلى جانبه، لا أن تتركه يواجه مصيره وحده.

spot_imgspot_img