ذات صلة

أحدث المقالات

مكانة الدبلوماسية الملكية الحضارية المغربية في العلاقات الدولية

رغم أن القانون الدولي العام من خلال ميثاق الأمم...

حين تضلّل الكاميرا الحقيقة: كيف شوّه بعض الإعلام العربي صورة “كان 2025” في المغرب؟

التضليل الإعلامي في تغطية كأس أمم إفريقيا بالمغرب: قراءة...

الرؤية السديدة للدبلوماسية الملكية الاقتصادية قاطرة للريادة الإفريقية

  تميزت المملكة المغربية في عهد جلالة الملك محمد السادس...

حوار مع إبراهيم المزند – العقل المدبّر وراء مهرجان Visa For Music

في أروقة الرباط، حيث تنبض الثقافة بالموسيقى، جلستُ مع إبراهيم المزند ــ المؤسس والرئيس الفني لمهرجان Visa For Music ــ في لقاء يحمل في طياته الكثير من الشغف والرؤية. كان هذا اللقاء لحظة فنية وإنسانية مهمة، لأنه يعكس ليس فقط النجاح التنظيمي للمهرجان، بل أيضًا الإيمان العميق بإمكانات الإبداع والموسيقى كجسر بين الشعوب.

من هو إبراهيم المزند؟

إبراهيم المزند (Brahim El Mazned) هو اسم محوري في المشهد الثقافي المغربي. عبر مؤسسة Anya Culture التي يقودها، أطلق منذ عام 2014 مهرجان Visa For Music في الرباط، الذي أصبح منصة استراتيجية للموسيقى الإفريقية والشرق أوسطية.

تنشط Anya أيضًا في مجالات متعددة: الإصدار الموسيقي، التكوين، وتنمية البنية التحتية الثقافية في المغرب.

المزند ليس منظم مهرجانات فحسب، بل صاحب رؤية ثقافية وأخلاقية؛ فهو معروف بدوره كمستشار ثقافي دولي ولعمله على بناء صناعة موسيقية مستدامة في إفريقيا.

الرؤية وراء Visa For Music

حسب ما أظهرت حديثه في اللقاء، فإن المزند يراهن على الموسيقى كأداة للتقارب بين القارات. Visa For Music، التي تُنظَّم سنويًا في الرباط، ليست مجرد مهرجان فني لكن سوقًا مهنيًا يجمع الفنانين والمنتجين من أفريقيا والشرق الأوسط. من وجهة نظره، التنظيم في المغرب له رمزية خاصة: الرباط، بعراقتها وتنوعها، تشكّل منصة طبيعية لاستقبال هذا النوع من المبادرات الإبداعية. في تصريح ألقاه خلال افتتاح دورة حديثة، أكد أن المهرجان “فضاء للتبادل، للقاء الجاد، ولصناعة مستقبل الموسيقى”.

أهمية المهرجان بالنسبة للمغرب

المغرب، كما يرى المزند، ليس مجرد بلد مضيف: هو شريك فاعل في بناء صناعة موسيقية قارية. من خلال Visa For Music، تسهم المملكة في ترسيخ التبادل الموسيقي بين الفنانين، وفي دعم الشباب والمهنيين من خلال ورشات عمل، ندوات وبرامج تدريبية. كما أن هذا المهرجان يسلّط الضوء على الرباط كعاصمة ثقافية، ويعزز من دوره في التنمية الاقتصادية للقطاع الإبداعي، خاصة في ضوء دعم الدولة للثقافة والصناعات الإبداعية.

رؤى إبراهيم المزند من القلب

في حديثه، عبّر المزند عن فخره بأن Visa For Music أصبحت “منصة حقيقية للتقاطع بين الفن والمبادرة الاقتصادية”، وهي ليست مجرد حدث ترفيهي، بل “مساحة لبناء ذاكرة موسيقية جماعية”.

“نحن لا نحتفل بالموسيقى فحسب، بل نصنع جسورًا بين الفنانين والقارات، بين الحلم والإمكان، بين الماضي والطموح.”
هذا القول، الذي يعبّر عن فلسفته، يظهر كيف يرى المزند الفن كأداة للتغيير والتواصل.

كما وصف دوره بأنه رسالة:

“أن أؤسس هذا المهرجان في المغرب، لديّ الإيمان بأن هذا البلد يمكن أن يكون نقطة انطلاق حقيقية لصناعة موسيقية إفريقية متطورة، قادرة على المنافسة عالمياً، لكن أيضًا قادرة على الحفاظ على هوياتها وأصولها.”

التحديات والطموحات

لم يغفل المزند عن التحديات. فتمويل المهرجانات الكبرى، بناء شبكة مهنية، وتحويل المواهب إلى مشاريع مستدامة كلها محاور شغلت فكره منذ البداية. لكنه يرى أن العمل لا يزال في بدايته: النجاح الحقيقي يكمن في تحويل التبادل الثقافي إلى اقتصاد موسيقي حقيقي، يُحدث تغييرًا ملموسًا في المجتمع والفنانين.

على مستوى التطلعات، أشار إلى أهمية تطوير ورشات التكوين الموسيقي (من خلال أكاديمية VFM مثلاً) لتعزيز قدرات الشباب، ولضمان استمرارية هذا النوع من المبادرات.

خلاصة وتأثير فني

لقائي مع إبراهيم المزند لم يكن مجرد مقابلة مع شخصية فنية، بل تأمّل في رؤية بعيدة المدى: كيف يمكن لمهرجان أن يكون أكثر من مهرجان؟ وكيف يمكن لمغرب اليوم أن يكون منابر للفن والإبداع على الصعيد الأفريقي والعالمي؟
من خلاله، نرى كيف يتحوّل الحلم الفني إلى مشروع ثقافي واقتصادي، وكيف أن الموسيقى قادرة على خلق جسور بين الضفاف.
وهو، بلا شك، شرف كبير لكل من يؤمن بأن الفن هو لغة مشتركة، وأن المغرب، بقيادة من مثل المزند، بإمكانه أن يكتب فصولًا جديدة في قصة الموسيقى العالمية.

spot_imgspot_imgspot_imgspot_img