ذات صلة

أحدث المقالات

سيلفي الوزير قيوح مع أردوغان: صورة عفوية أم خلل في التقدير الدبلوماسي؟

تحولت صورة "سيلفي" التقطها وزير النقل واللوجيستيك المغربي عبد...

خريطة المغرب الكاملة في قلب جنوب إفريقيا: رمزية دبلوماسية أم مؤشر على تحوّل استراتيجي؟

في لحظة تحمل أبعادًا رمزية واستراتيجية، ظهرت خريطة المغرب...

حين يتجاهل الوزير بوريطة الحلول: من مشروع إدماج المهاجرين الأفارقة مهمل إلى فوضى الشارع المغربي

بين أرشيف إداري صامت ورسائل لم يُردّ عليها منذ 2017، ومشاهد فوضى تتكرر في شوارع الدار البيضاء ومدن مغربية أخرى، يتكشّف وجهٌ آخر لأزمة الهجرة غير النظامية في المغرب: فوضى في التدبير، صمت رسمي، ومسؤول سياسي لا يجيب.

ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، يوجد اليوم في مرمى المساءلة، ليس فقط بصفته المشرف على ملف الهجرة في الحكومة، بل لأنه تجاهل — طيلة سنوات — مشروعًا متكاملًا تقدمت به “الرابطة العالمية للمغاربة المهاجرين والأجانب المقيمين” لإدماج المهاجرين الأفارقة، كان يمكن أن يتحول إلى رافعة تنظيمية وطنية بدل أن يبقى حبرًا على ورق.

مشروع ضائع: عندما صمتت الوزارة عن فرصة تاريخية

في عام 2017، راسلت الرابطة العالمية للمغاربة المهاجرين وزارة بوريطة، مقترحة إحداث مركز مغربي أفريقي لاستقبال وتكوين وإدماج الوافدين الأفارقة.

الوزارة رحبت بالمبادرة حينها، وطلبت تصورًا كاملاً للمشروع، وقد تم تسليمه بالفعل. لكن الرد لم يأتِ قط. لا توضيح، لا رفض، لا نقاش. سبع سنوات من التجاهل المؤسسي.

رد الوزارة رد الوزارة المكلفة بالمغاربة المهاجرين والاجانب إلى الرباط العالميةبالمغاربة المهاجرين والاجانب إلى الرباط العالمية.pdf

لو تم تفعيل المشروع، لكان بالإمكان تنظيم تواجد المهاجرين، تكوينهم، إدماجهم في سوق الشغل المغربي أو حتى إعدادهم للهجرة المنظمة نحو أوروبا، بدل أن يصبحوا ضحايا هشاشة، أو أطرافًا في احتكاكات شبه يومية مع المواطنين.

◾ مشاهد الفوضى اليوم: مسؤولية من؟

قبل أيام فقط، وثقت عدسات هواتف المواطنين في أحياء مثل سيدي البرنوصي مشاهد صدامات عنيفة وتخريب وإخلال بالنظام العام تورط فيها مهاجرون غير نظاميين من دول جنوب الصحراء. الوضع أثار ذعرًا واستياءً عامًا، لكنه لم يكن مفاجئًا، بل نتيجة مباشرة لغياب سياسة إدماج واضحة.

الناشط المدني عزيز شاعيق يؤكد أن السكان لم يعودوا يحتملون الوضع، حيث تتحول بعض الأحياء إلى بؤر توتر. أما مهدي ليمينة من جمعية التحدي للمساواة والمواطنة، فيُرجع ما يحدث إلى “تراخي السلطات وتجاهل الملفات”.

لكن في أعلى السلم، تتجه الأنظار إلى الوزير بوريطة، باعتباره المسؤول الأول عن السياسة الوطنية للهجرة، خاصة بعد تفويض ملف شؤون الهجرة إلى وزارته. كيف يمكن تفسير تجاهله لمبادرة مدنية بهذا الحجم؟ وأين ذهبت الملايين التي تلقاها المغرب من الاتحاد الأوروبي لتنفيذ هذه السياسات؟

◾ تمويلات أوروبية، نتائج غائبة

وفق تقارير الاتحاد الأوروبي، حصل المغرب على نحو 145 مليون يورو سنويًا لدعم سياسات الهجرة والإدماج. غير أن الواقع يُكذّب الأرقام: لا مراكز دائمة، لا برامج فعلية موجهة للمهاجرين، ولا شفافية في طرق صرف هذه الأموال.

من يُراقب هذه الميزانيات؟ من يُقيم الأثر؟ ولماذا لا يُفتح نقاش برلماني أو إعلامي حول مصيرها؟ ألا يُفترض أن تُصرف في دعم المبادرات الجادة بدل أن تبقى في يد دوائر مغلقة لا تشتغل ولا تحاسب؟

◾ من يدفع الثمن؟ المواطن أولًا

في غياب أي سياسة واقعية، يُترك المواطن المغربي — خاصة في الأحياء الهشة — ليؤدي ثمن الإهمال: صدامات، خوف، غياب الأمن، واحتقان اجتماعي خطير. وفي المقابل، يُصوَّر كل انتقاد وكأنه معاداة للأجانب، في حين أن الأزمة في جوهرها هي فشل في التخطيط والتفاعل.

◾ الأسئلة التي لا يمكن تجاهلها بعد اليوم:

  1. لماذا تجاهل وزير الخارجية ناصر بوريطة مشروعًا وطنيًا مقترحًا من طرف الرابطة منذ 2017؟

  2. من يراقب أوجه صرف الملايين التي يُمنحها الاتحاد الأوروبي للمغرب بخصوص ملف الهجرة؟

  3. ما مصير الاستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء؟ هل بقيت مجرد شعارات دون تنزيل فعلي؟

  4. هل هناك جهات مستفيدة من الفوضى؟ وهل تُستخدم الهجرة غير النظامية كأداة تفاوض دولية على حساب استقرار المدن؟

◾ خلاصة استقصائية:

ما يحدث في البيضاء، ومثيلاتها من المدن، ليس أزمة أمن فقط، بل أزمة سياسية وتنموية، يقف خلفها صمت رسمي مقلق. ومادام الوزير المسؤول يختار التجاهل، فإن معاناة السكان ستتكرر، كما ستتفاقم أزمة فقدان الثقة في المؤسسات، وتضيع فرص حقيقية كان من الممكن أن تجعل من المغرب منصة إفريقية للهجرة المنظمة.

فهل يجرؤ البرلمان على مساءلة الوزير بوريطة؟

وهل تتحرك الصحافة الحرة للغوص في أوجه التقصير؟

أم أن السياسة ستواصل دفن الملفات، وترك الشارع وحده يواجه النيران؟

spot_imgspot_img