ذات صلة

أحدث المقالات

داود أولاد سياد… حين يتحوّل لقاءٌ عابر إلى نافذة على جوهر السينما المغربية

ليس لقاء داود أولاد سياد حدثًا بروتوكوليًا أو مجاملة عابرة، بل هو فرصة للاقتراب من أحد الأصوات التي شيّدت معالم السينما المغربية، وأسهمت في نقلها من حدود الحكي التقليدي إلى فضاءٍ أوسع تُصاغ فيه الأسئلة قبل الصور، وتُختبر فيه الحساسية الجمالية قبل التقنية.

فأولاد سياد، لمن يعرف مساره، ليس مجرد مخرج. هو أشبه بـ”كاتب ضوء” يلتقط التفاصيل التي لا ينتبه إليها أحد، ويحوّلها إلى مشاهد تنبض بحياة المغاربة، بتاريخهم وذاكرتهم وأحلامهم الصغيرة. أفلامه لا تُشاهد فقط؛ بل تُقرأ وتُتأمل وتُناقش، لأنها تحمل في عمقها نظرة فلسفية نادرة في السينما المغربية.

ما يميز تجربته هو قدرته على الجمع بين جماليات الصورة وصرامة السؤال. بين شاعرية المشهد وبساطة الإنسان. ولذلك ظلّ حضوره، طوال عقود، علامة ثابتة وسط موجات التغيير المتلاحقة في السينما الوطنية.

ولقاءٌ معه يذكّر بأن السينما ليست مجرد صناعة، بل مساحة للتفكير في المجتمع وتحويل قضاياه إلى سرد بصري يلامس الوجدان. يذكّر أيضًا بأن المغرب يمتلك مخرجين كبارًا يرون في الكاميرا أداة للمعرفة قبل أن تكون وسيلة للتصوير، وأن الفن يمكن أن يكون نافذة لفهم واقع معقّد، وإعادة صياغته بلغة عالمية لا تفقد جذورها المحلية.

إن تكريم داود أولاد سياد، أو حتى مجرد الإشادة به، ليس مجاملة لشخص، بل اعتراف بمدرسة كاملة—مدرسة تُقدِّم السينما بوصفها مرآة للهوية، ومختبرًا للأسئلة، وجسرًا يربط بين المغرب والعالم.

spot_imgspot_img