في الخامس من غشت 2025، نشر الصحفي والمحلل السياسي المغربي ريضا عدام، عبر صفحته الرسمية، مقالًا لافتًا بعنوان: “أخنوش… رجل الظل الذي كُشف عنه الحجاب”، قدّم فيه قراءة سياسية عميقة، بل وجريئة، للتحولات التي شهدتها بنية السلطة الاقتصادية والسياسية في المغرب خلال العقد الأخير، مركّزًا على صعود رجل الأعمال والوزير الأول الحالي عزيز أخنوش إلى موقع متقدم في ما يسميه الكاتب “منظومة ما فوق الدولة”.
المقال ليس مجرّد رأي عابر، بل يشبه – في لغته وهيكله – مسودة تحقيق سياسي معمّق، يستند إلى تقاطعات معطيات من مصادر مفتوحة، وتقارير صحفية دولية، وملاحظات سياسية دقيقة حول “التزاحم بين منطق الدولة ومنطق السوق” في صياغة القرار السياسي المغربي.
في هذا التحليل، نحاول تفكيك بعض الأطروحات الكبرى التي قدّمها ريضا عدام، ليس بغرض التبني أو الرفض، بل لفهم السياق الذي أنتج هذه القراءة، وما تقترحه من أسئلة جدّية حول مصير العلاقة بين السلطة، المال، والدستور.
أولًا: أخنوش كـ”رجل دولة موازية”
من أبرز ما أثاره ريضا عدام، هو توصيفه لأخنوش كـ”رجل منظومة”، لا مجرد رئيس حكومة. فهو، بحسب المقال، يشكّل حلقة مركزية في نظام نفوذ جديد، يتجاوز موقعه التنفيذي، ويتحرك كـ”مُنظّم نفوذ عابر للحدود”، يستثمر رصيده المالي، وشبكة المصالح، ومرونة التموضع السياسي، للتموقع في صلب الدولة، دون أن يضطر لتحمّل كلفتها المؤسسية أو الرقابية.
هذه القراءة تتقاطع مع أطروحات ظهرت في صحف أجنبية كـEl País، التي تحدثت عن دور متزايد “لهولدينغ أخنوش” في التحكّم في استراتيجيات الطاقة، والعلاقات الاقتصادية مع إفريقيا، وحتى في تدفقات الغاز الروسي عبر المغرب، في سياق دولي بالغ الحساسية.
ثانيًا: هل السلطة تُدار من الحكومة… أم من البزنس؟
المقال يطرح إشكالية جوهرية: هل ما زال بالإمكان الحديث عن “سلطة سياسية” تتخذ القرار بناءً على المؤسسات والبرلمان والبرامج، أم أن النفوذ انتقل فعليًا إلى منطق المجموعات الاقتصادية الكبرى، التي لا تواجه محاسبة أو تنافسًا حقيقيًا؟
يربط ريضا هذا التحول بمجموعة مؤشرات، أبرزها:
-
اختفاء الوزراء الفعليين عن مشهد القرار.
-
سيطرة “شبكة التكنوقراط الريعيين” على مواقع حساسة.
-
تقويض عمل الصحافة عبر آليات الدعم والضغط.
-
التحكم في المجال الثقافي والفني عبر التمويلات الانتقائية.
ثالثًا: من “سامير” إلى “طوطال موريتانيا”: ماذا بعد؟
في نقطة لافتة، يربط رضا بين تفكيك شركة سامير، وهي آخر محاولة لبناء سيادة طاقية وطنية، وشراء “أصول نفطية خارجية”، مثل الاستحواذ على فروع طوطال في موريتانيا من قبل فاعلين مغاربة، مع ربطها بإشكالية استعمال النفوذ المؤسساتي في توسع اقتصادي مغاربي قد يخدم الدولة على المدى القصير، لكنه يُضعف تنافسية الداخل.
هذه المقارنة تُفتح على أسئلة مشروعة:
-
هل تخارج الدولة من القطاعات الحيوية كان خيارًا أم اضطرارًا؟
-
وهل يتحول القطاع الخاص إلى دولة موازية كلما ضعف الإطار المؤسساتي؟