ذات صلة

أحدث المقالات

لقاء مليء بالألوان والطاقة مع ضيفتي من البرازيل في مهرجان Visa For Music

كان لقائنا بضيفة البرازيل إحدى اللحظات البارزة والمضيئة في...

لقاء فني جميل مع كلوتيلد رولو في مهرجان “فيزا فور ميوزيك”

كان لقائي بالفنانة الفرنسية كلوتيلد رولو إحدى اللحظات الهادئة...

«النداء» في أورلاندو: جسور ثقافية بين المغرب وأمريكا وتجربة تيري أولسون في الأقاليم الجنوبية

أورلاندو – الولايات المتحدة الأمريكيةشهدت مدينة أورلاندو الساحرة عرضًا...

زيارة الوفد الديني المقرب من حزب الله إلى تندوف: حين تتحوّل البوليساريو إلى عقدة في شبكة النفوذ الإيراني بالمنطقة

لا تمثّل الزيارة التي احتضنتها مخيمات تندوف، حيث استقبلت جبهة البوليساريو وفداً دينياً من لبنان وسوريا مقرباً من دوائر حزب الله، مجرد حركة هامشية في جدول الاتصالات العابرة. إنها خطوة تكشف ـ بقدر ما تخفي ـ هندسة جديدة تُعاد صياغتها في الكواليس الجيوسياسية بين طهران وامتداداتها، وبين الجبهة الانفصالية التي تبحث عن أي مظلة خارجية تمنحها وزناً مفقوداً وشرعية منتهية الصلاحية.

فالصور التي تناقلتها منصّات الجبهة، والتي بدا فيها ما يسمى وزير الشؤون الدينية في كيان البوليساريو إلى جانب أعضاء الوفد، صيغت كمشهد “أكاديمي-روحي”. لكنّ قراءة الوجوه، ومسار الشخصيات، ومحطات حضورها في دوائر حزب الله، تكشف أن الحدث لا ينتمي إلى الدبلوماسية الروحية بل إلى هندسة اصطفافات جديدة.

ما وراء الصورة: الوفد ليس دينياً فقط، بل جزء من شبكة تعبئة سياسية

الأسماء التي حطت في تندوف ــ حسام العلي، موسى الخلف، سالم دبوسي، محمد الرافعي، وحديد خلف الدرويش ــ ليست أسماء عابرة في المشهد الديني للمشرق. إنها جزء من بيئة ثقافية-عقائدية مرتبطة بمحور المقاومة كما تسميه طهران، أي: حزب الله – الحرس الثوري – الواجهات الدينية العابرة للحدود.

ولأنّ هذه الرمزية لا تُستدعى في العادة لزيارات بروتوكولية، فإن حضورها داخل فضاء عسكري-أمني مغلق مثل مخيمات تندوف يرقى إلى مرتبة الرسالة السياسية الثقيلة: محور طهران يختبر توسيع جغرافيا نفوذه نحو شمال-غرب إفريقيا عبر بوابة البوليساريو.

عدم الإنكار لم يعد ممكناً: أدلة الولايات المتحدة وضعت النقاط على الحروف

لم يعد الربط بين حزب الله والبوليساريو تقديراً سياسياً أو اتهاماً دبلوماسياً. المعطيات التي كشفتها خلال السنة الأخيرة مؤسسات بحثية أمريكية ذات وزن ـ وعلى رأسها مؤسسة FDD ـ نقلت الملف من خانة الشبهات إلى خانة السيناريوهات المؤكدة.

التقارير الأمريكية تحدثت عن:

  • قنوات دينية وعسكرية تربط البوليساريو بطهران.

  • تدريب عناصر من الجبهة على يد حزب الله في مناطق سورية قبل انهيار منظومة الأسد.

  • اعتقال مئات المقاتلين الصحراويين من طرف القوات الروسية-السورية خلال مرحلة الفوضى.

  • وعد إيراني سنة 2022 بتزويد الجبهة بطائرات مسيّرة، قبل أن تؤكد البعثة المغربية لدى الأمم المتحدة الأدلة الداعمة لهذه المعطيات.

  • صلات بقيادات تنظيمات متطرفة في الساحل، استحضاراً لمسار عدنان أبو الوليد الصحراوي الذي انتقل من صفوف الجبهة إلى قيادة داعش في الساحل.

هذه الشواهد لا تكشف فقط جسور التواصل، بل تؤشر إلى تداخل خطير بين الانفصال، الإرهاب، والعمل بالوكالة.

الجزائر.. راعٍ محرج أمام انكشاف الارتباطات

الجزائر التي لطالما حاولت تسويق نفسها كقوة إقليمية تواجه “التدخلات الخارجية”، تجد اليوم نفسها أمام مشهد ينسف روايتها.
ففي الوقت الذي تعلن فيه رسميًا تموضعاً “مستقلاً” عن سياسات طهران، توفّر في الوقت نفسه فضاءً آمناً لجبهة ترتبط عضوياً بأذرع إيران.

هذا التناقض يكشف أن الجزائر ليست فقط داعماً سياسياً وعسكرياً للجبهة، بل حاضنة جغرافية تتيح لامتدادات طهران اختبار نفوذ جديد على حدود المغرب والساحل.

انعكاسات الزيارة على النقاش الأمريكي: هل تقترب واشنطن من تصنيف البوليساريو تنظيماً إرهابياً؟

هنا تكتسب الزيارة معنى آخر. فهي تأتي في لحظة حساسة يتوسع فيها النقاش داخل الكونغرس حول مشروع قانون قدمه الجمهوري جو ويلسون والديمقراطي جيمي بانيتا لتصنيف البوليساريو “منظمة إرهابية أجنبية”.

المشروع مرفوق بوثائق تظهر:

  • الروابط مع إيران وحزب الله.

  • التحالفات المتقاطعة مع جماعات متطرفة في الساحل.

  • الهجمات الصاروخية التي شهدتها مناطق قرب الحدود الجزائرية خلال ذكرى المسيرة الخضراء في نونبر 2024.

وبذلك تتحول الزيارة إلى دليل إضافي داخل ملف أمريكي يتوسع بشكل لافت.

خاتمة: البوليساريو لم تعد حركة انفصالية… بل عقدة في شبكة إقليمية

الزيارة التي حاولت الجبهة تقديمها كحدث روحي ليست سوى واجهة لتحرك سياسي-استراتيجي.
فالواقع اليوم يقول:

  • لم تعد البوليساريو مجرد حركة انفصالية ذات مطالب محلية.

  • لم تعد تتحرك بمعزل عن الحسابات الإقليمية الكبرى.

  • باتت جزءاً من شبكة تُعيد طهران هندستها في شمال-غرب إفريقيا عبر وكلاء دينيين وعسكريين.

وهنا بالضبط تتغير طبيعة النقاش:
تصنيف البوليساريو منظمة إرهابية لم يعد مجرد مبادرة سياسية داخل الكونغرس، بل بات مرتبطاً بصميم الأمن الإقليمي ومصالح واشنطن في شمال إفريقيا والساحل.

spot_imgspot_img