ذات صلة

أحدث المقالات

قضية المعطي منجب: التحقيق في تهم غسل الأموال ومنع السفر بين الحقيقة والشائعات

تثير قضية منع المعطي منجب، الناشط الحقوقي والمفكر، من...

لم تتحدث عن التطبيع.. زيارة هادئة جدًا للمبعوثة الأمريكية أورتاغوس إلى بيروت

بالرغم من الصخب الإعلامي الذي سبقها، جاءت زيارة مورغان...

قضية المعطي منجب: التحقيق في تهم غسل الأموال ومنع السفر بين الحقيقة والشائعات

تثير قضية منع المعطي منجب، الناشط الحقوقي والمفكر، من السفر إلى فرنسا لالقاء محاضرة في جامعة السوربون، تساؤلات عديدة حول دوافع هذا المنع والإجراءات القانونية المرتبطة به. تصريحات زهير الحرش، النائب الأول لوكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالرباط، جاءت لتوضح الصورة القانونية وراء هذه القضية، لكن هل تكشف هذه التصريحات حقًا عن حقيقة ما يحدث؟ أم أن هناك أبعادًا أخرى قد تكون غائبة عن الأنظار؟

هل هناك دافع سياسي وراء المنع؟

وفقًا لما أعلنه زهير الحرش في مقابلة مع وكالة الأنباء المغربية “لاماب”، فإن القضية التي أثيرت حول المعطي منجب ليست مرتبطة بنشاطه السياسي أو العلمي، بل بتهم تتعلق بغسل الأموال، حيث تم اكتشاف تحويلات مالية مشبوهة من الخارج، بالإضافة إلى امتلاكه ممتلكات عقارية موضع تحقيق.

يبدو أن الحرش يصر على أن الإجراءات القانونية قد اتُخذت بناءً على وقائع دقيقة، ولم تكن ذات دوافع سياسية.

لكن هل يمكننا أن نأخذ هذه التصريحات كمؤشر على أن المنع من السفر جاء نتيجة تحقيق قانوني صرف؟ أم أن هناك صراعًا أكبر بين السلطة والناشطين الحقوقيين في المغرب؟ هناك أصوات معارضة ترى أن هناك محاولات لاستهداف المعطي منجب سياسيًا من خلال تضييق الخناق عليه ومنعه من التنقل بحرية. أليس غريبًا أن يُمنع شخص متهم بجريمة غسل الأموال من السفر بينما يُسمح للعديد من الأشخاص المتهمين بنفس التهم بالسفر دون عقبات؟

القضية القانونية: تحقيقات دولية وإجراءات مشددة

المعطي منجب، وفقًا لتصريحات الحرش، خضع لتحقيقات مرتبطة بإنابات قضائية دولية، حيث كانت النيابة العامة قد قررت إجراء تحقيق في قضية غسل الأموال، والتي يشملها القانون الجنائي المغربي تحت الفصول 574-1 و574-2 و574-3. ومع ذلك، ما يُلاحظ هنا هو تزامن هذه التحقيقات مع قرار قاضي التحقيق بإغلاق الحدود وسحب جواز السفر، وهو ما يثير تساؤلات حول إذا ما كان هذا القرار قانونيًا أم أنه يهدف إلى الضغط على المعني بالأمر في سياق سياسي حساس.

القرار القضائي بمنع المعطي منجب من السفر جاء استنادًا إلى المادة 142 من قانون المسطرة الجنائية، التي تمنح للقاضي الحق في اتخاذ هذا الإجراء لضمان عدم فرار المتهم أثناء سير التحقيقات.

لكن، في ظل حالة الضغط الإعلامي والسياسي، هل هذا الإجراء معقول أم أنه يُستغل لتوجيه رسالة معينة إلى المعارضين أو الناشطين الحقوقيين؟

المزاعم السياسية والعفو الملكي: تداخلات مشبوهة؟

في السياق ذاته، أشار الحرش إلى أن ما يُروج عن العفو الملكي الذي استفاد منه المعطي منجب في يوليوز الماضي ليس له أي علاقة بالقضية الحالية. فهذا العفو يخص قضايا أخرى ولا يشمل جريمة غسل الأموال التي يُحقق فيها حاليًا.

ولكن، هل يعكس هذا الفصل بين القضيتين فصلًا حقيقيًا أم أن هناك تداخلات قد تؤثر على سير القضية؟ كيف يمكن للمجتمع أن يثق في نزاهة التحقيقات إذا كان العفو الملكي في وقت قريب قد منح المعني بالأمر فرصة جديدة قبل أن يجد نفسه مجددًا في دائرة الاتهام؟

إضراب عن الطعام: ردة فعل على المنع؟

من جهة أخرى، اختار المعطي منجب الدخول في إضراب عن الطعام احتجاجًا على منعه من السفر، وهو ما يعكس حالة من الإحباط العميق تجاه الإجراءات التي اعتبرها غير عادلة. كيف ستؤثر هذه الخطوة على الوضع السياسي والحقوقي في المغرب؟ وهل سيجد المجتمع الدولي في إضراب منجب عن الطعام فرصة للتدخل، أم أنه سيُعتبر جزءًا من سلسلة محاولات استخدام الأدوات الحقوقية للضغط على الدولة؟

خلاصة: بين القانون والسياسة

في النهاية، ما نراه في قضية المعطي منجب هو صراع حقيقي بين القانون والسياسة، بين الحق في محاكمة عادلة وحملات التأثير على الرأي العام. ما هو الدور الذي يجب أن يلعبه القضاء في هذه القضية لضمان حياده؟ هل ستستمر سلطات التحقيق في اتباع الإجراءات القانونية الصارمة، أم أن تدخلات سياسية قد تؤثر على مجريات الأمور؟ ما هي المدى التي يمكن أن يصل إليها هذا التوتر بين الحق في الدفاع عن النفس والضغوط القانونية والسياسية؟

يبقى التساؤل الأهم: هل سيتسنى للمعطي منجب، كما يطالب، الحصول على محاكمة عادلة تضمن له حقوقه بالكامل، أم ستظل قضيته محط جدل مستمر بين السلطات والمجتمع المدني؟

spot_imgspot_img