لقاء فني جميل مع كلوتيلد رولو في مهرجان “فيزا فور ميوزيك”

كان لقائي بالفنانة الفرنسية كلوتيلد رولو إحدى اللحظات الهادئة والمضيئة التي أضافت بُعداً إنسانياً وفنياً لتجربتي في مهرجان Visa For Music لهذا العام. فهي ليست مجرد مغنية أو عازفة فلوت، بل مشروع فني متكامل يحمل في داخله أصوات العالم، ويشتبك مع الجاز والموسيقى العالمية وفنون الأداء، ليخلق توليفة لا تشبه إلا بصمتها الشخصية.

كلوتيلد رولو… فنّ يتحرك بين الصوت والجسد والروح

منذ سنواتها الأولى، انطلقت كلوتيلد في رحلة موسيقية متعددة المسارات: درست الفلوت والغناء بشكل أكاديمي، ثم اتجهت إلى عالم الجاز والموسيقى الارتجالية، قبل أن توسّع آفاقها إلى تقنيات صوتية عالمية، وتدخل إلى فضاءات الأداء الحي والدراما الصوتية.

وما يميّزها حقاً هو هذا المزيج الفريد: صوتٌ يروي، وفلوتٌ يحلّق، وجسدٌ يتحرك كامتداد طبيعي للَّحن.

حوار مليء بالإلهام داخل فضاءٍ يحتفي باللقاءات

في النسخة الأخيرة من المهرجان، بدا حضور كلوتيلد كمن يضيف خيطاً جديداً إلى نسيج ثقافي غني يجمع بين أفريقيا، الشرق الأوسط، وأوروبا. وخلال الحديث معها، كان واضحاً أنها تنظر إلى الموسيقى كجسر يتجاوز الانتماءات، لا كحدود تُقسِّم الهويات.

تحدثنا عن الإبداع، عن الرحلات، وعن تلك اللحظات التي يولد فيها اللحن من الصمت. كانت كلماتها تنضح بإيمان عميق بأن الفن الحقيقي هو ذاك الذي يخلق صلة بين البشر، مهما اختلفت لغاتهم.

كلوتيلد… تجربة منفتحة على العالم

ما يجعلها فنانة عالمية بحق هو أنها لا تنتمي إلى مدرسة واحدة أو أسلوب واحد. هي ابنة الجاز، وحليفة الموسيقى العالمية، وصديقة المسرح، وشريكة الارتجال. في كل مشروع، تُظهر رغبة صادقة في اكتشاف الآخرين، وفي تحويل اللقاءات إلى موسيقى، والموسيقى إلى ذاكرة.

مهرجان Visa For Music… عندما يصبح اللقاء فناً بحد ذاته

مثل هذه اللقاءات تؤكد أن Visa For Music ليس مجرد مهرجان، بل فضاء للتقارب الفني والثقافي، ولتقاطعات المسارات بين فنانين من قارات مختلفة. وجود فنانة مثل كلوتيلد يمنح المهرجان روحاً إضافية: روح المغامرة، والانفتاح، وكأنها تقول عبر فنّها: الموسيقى لا وطن لها، لكنها تمنح الأوطان صوتاً جديداً.

خلاصة اللقاء

كان لقائي مع كلوتيلد رولو أكثر من حديث عابر؛ كان لحظة اكتشاف. اكتشاف فنانة تعرف كيف تجعل من الصوت رحلة، ومن الفلوت أكثر من آلة، ومن الفن حواراً يتجاوز الزمان والمكان. هي واحدة من تلك الأصوات التي تذكّر بأن الفنّ حين يكون صادقاً، يصبح كائناً حياً يتنفس ويضيء ويغيّر.