ذات صلة

أحدث المقالات

رجل المرحلة الرمادية: قراءة في مقال ريضا عدام حول صعود منظومة أخنوش

في الخامس من غشت 2025، نشر الصحفي والمحلل السياسي...

المغرب الآن يحلل: هل نحن أمام نهاية مرحلة سياسية أم انهيار منظومة؟

مقال رأي مثير كتبه الصحافي ريضا عدام يفتح النار...

تيتيه في الرباط: هل يعيد المغرب رسم ملامح التسوية الليبية؟

زيارة الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا،...

واشنطن تغلق صنبور الغاز على خصومها.. هل اقترب موعد طي صفحة الغاز الجزائري في أوروبا؟

في خضم التحولات الجيوسياسية العميقة التي يشهدها العالم، وتحت...

ليوطي يبتسم في قبره… ونحن نُفرنِس أبناءنا من جديد!..حين استأنفنا قرار ليوطي بأيدينا

قراءة في مقال ريضا عدام عن فرنسة التعليم المغربي

منذ أن غادر الجنرال الفرنسي “ليوطي” المغرب، لم ينقطع الجدل حول ما خلّفه من أثرٍ في الإدارة والتعليم والثقافة.لكن أن يعود اسمه فجأة في سنة 2025 إلى واجهة النقاش الوطني، عبر مقال رأي بعنوان “يوم قرر ليوطي فرنستنا” للصحافي والمحلل الجيوسياسي ريضا عدام، فذلك لا يمكن اعتباره مجرد رجع صدى تاريخي، بل تحديًا صريحًا للذاكرة والسيادة.

عدام لا يكتفي بإثارة موضوع فرنسة التعليم، بل يعتبره استئنافًا صريحًا لمشروع السيطرة الثقافية الذي بدأه ليوطي، ولكن هذه المرة بأيدٍ مغربية، ومن داخل المؤسسات الوطنية.

فهل نحن أمام إصلاح تربوي مشروع؟ أم أمام انزلاق ناعم نحو التبعية؟ وهل يمكن للغة أن تكون مجرد وسيلة، أم أنها بوابة لكل ولاء وهُوية؟ هذه القراءة التحليلية تُحاول تفكيك هذه الإشكاليات من خلال ثلاثة محاور مستلهمة من مقال رضا عدام.

المحور الأول: ليوطي يعود… ولكن بدون جنود

عندما اختار ليوطي، في عزّ الحماية، أن يجعل من اللغة الفرنسية سلاحه الأساسي للسيطرة، كان يدرك أن اللغة تُخضع النخب، وتُروّض الطبقات المتعلمة أكثر مما تفعل البنادق.

رضا عدام يُذكّرنا بأن مشروع فرنسة التعليم لم يكن مجرد سياسة تعليمية، بل أداة استراتيجية لإنتاج إداريين مأمورين ونخب مقطوعة عن جذورها، وأنه بعد الاستقلال، لم يتم القطع الجذري مع هذا المشروع، بل استُبدلت أدواته فقط.

واليوم، مع العودة إلى تدريس المواد العلمية والتقنية بالفرنسية، يُحذّر الكاتب من خطر إعادة إنتاج “الهيمنة”، ولكن بمباركة مغربية هذه المرة، ودون تدخل مباشر من باريس.
فرنسة التعليم لم تعد قرارًا استعماريًا، بل خيارًا سياديًا… ضد السيادة!

المحور الثاني: التعريب… مشروع لم يُمنح فرصة

في طرحه، لا يُحمّل عدام اللغة العربية مسؤولية الإخفاق، بل يُحمّل الدولة مسؤولية عدم الاستثمار الحقيقي في مشروع التعريب، مشيرًا إلى غياب الإرادة السياسية، وسوء التخطيط، وانعدام الترجمة العلمية.

وبينما يُروَّج اليوم لفكرة أن التعريب فشل، يطرح رضا عدام سؤالًا مُحرجًا:

“هل فشل التعريب… أم أُفشل؟”

كيف يمكن لمشروع أن ينجح، وقد تُرك التلميذ المغربي يدرس بالعربية حتى البكالوريا، ثم يُلقى به في التعليم العالي بفرنسية لم يُدرّب عليها؟ وكيف نُراهن على اللغة العربية في المدرسة، ولا نُعرّب الجامعة، ولا الوظيفة العمومية، ولا حتى الوثائق الإدارية؟

النتيجة؟ جيل مشوّش لغويًا، لا يُتقن لغة الهُوية ولا لغة السوق، فاقدًا للثقة في مدرسته، بل في نفسه أيضًا.

المحور الثالث: الفرنسة الجديدة… خيار سيادي أم انسحاب ثقافي؟

ريضا عدام لا يرى في فرنسة التعليم اليوم مشروعًا إصلاحيًا، بل انسحابًا مدروسًا من معركة الاستقلال الثقافي، وتخلٍّ واضح عن اللغة العربية كلغة علم ومعرفة.

ويحذّر الكاتب من الفرنسة غير المعلنة، وغير المُناقشة شعبيًا، والتي جرى تمريرها تحت ضغط لوبيات فرنكوفونية نافذة، ترى في الفرنسية رمزًا للطبقة، ومفتاحًا للسلطة.

في ظل هذا المسار، تُصبح المدرسة المغربية أداة لإنتاج الولاءات الأجنبية، بدلًا من أن تكون فضاء لتثبيت الانتماء الوطني.

ونكون بذلك أمام اختيار سيادي شكلي، ولكن بانسحاب فعلي من مشروع التحرر الثقافي.

خاتمة: أي حداثة نُريد؟

اللغة ليست أداة تدريس فقط، بل هي بيئة للمعرفة، وإطار للسيادة، ومرآة للكرامة الحضارية.
ولذلك، فإن قرار فرنسة التعليم لا يمكن أن يُقرأ خارج هذا السياق، خاصة إذا تم تمريره بدون نقاش وطني، وبدون رؤية استراتيجية تُحقّق العدالة اللغوية والمعرفية.

لسنا ضد التعدد اللغوي، بل معه، ولكن ضمن مشروع وطني يضع اللغة العربية في موقع القوة، لا الهامش، ويجعل من الانفتاح خيارًا وطنيًا لا تبعية ناعمة.

وكما تساءل رضا عدام، علينا أن نعيد طرح السؤال ولكن بصوت أعلى:

“هل نُريد حداثة وطنية شاملة بلغتنا وهويتنا، أم حداثة نخبوية فرنكوفونية تُعيد إنتاج الاستعمار… ولكن برخصتنا؟”

إن الجواب عن هذا السؤال لن يُحسم في مقررات وزارية، بل في ضمير المجتمع، وفي سياسات الدولة، وفي المدرسة التي نريدها لأبنائنا.

#اللغة_العربية #فرنسة_التعليم #السيادة_الثقافية #رضا_عدام #نقاش_وطني #المدرسة_المغربية #التعريب

spot_imgspot_img