ذات صلة

أحدث المقالات

صحيفة الأهرام القاهرية تبرز في افتتاحيتها تطور العلاقات المصرية – المغربية

أبرزت صحيفة الأهرام القاهرية، كبرى الصحف المصرية المملوكة للدولة...

المغرب وكينيا: هل نحن أمام تحوّل إفريقي يتجاوز الانتصار الدبلوماسي؟

قراءة في مقال عزيز رباح حول الشراكة المغربية الكينية في...

مرشح الرئاسة الليبية عبدالحكيم بعيو : نحتاج مشروعًا وطنيًا لا يُدار من الخارج

حوار خاص مع رجل الأعمال والمرشح الليبي للرئاسة عبد الله بعيو
أجرته من باريس: الصحفية فاطمة بالعربي، لمجلة “الدبلوماسية”

في ظل التدهور المتواصل للمشهد الليبي والجمود السياسي الذي يخنق تطلعات الليبيين منذ سنوات، أجرت مجلة “الدبلوماسية” حواراً مع المرشح الرئاسي عبدالحكيم بعيو، رجل الأعمال المعروف وأول من قدّم ترشحه للانتخابات الرئاسية الليبية (20/21). بعيو، المدعوم من البرلمان والدولة كمرشح لرئاسة الحكومة، يرأس أيضاً حزب “إعمار ليبيا الوطني”. وينحدر من مدينة مصراتة، المعروفة بتعقيداتها السياسية والاجتماعية، ويقدّم نفسه كخيار وسطي بديل يحمل مشروعاً لإعادة بناء الدولة على أسس وطنية.

فاطمة بالعربي:
طرابلس عادت مجددًا إلى واجهة المواجهات المسلحة، في مشهد يُكرّس منطق “توازن السلاح” بدل الدولة. كيف تنظرون إلى هذا الواقع؟ وما الذي يمكن أن تقدموه لتفكيك هذه المنظومة؟

عبدالحكيم بعيو :
ما يجري في طرابلس لا يمثل مجرد اضطرابات أمنية، بل يعكس بنية عميقة من الانقسام و”اقتصاد السلاح”. ما نطرحه هو مشروع لإعادة تأسيس المؤسسة الأمنية والعسكرية على أساس وطني جامع، لا جهوي أو فصائلي. لن نذهب نحو التصادم مع الواقع، بل نحو تفكيكه قانونيًا، بدعم شعبي ومجتمعي واسع. لا يمكن أن نبني دولة والسلاح خارج الشرعية.

فاطمة بالعربي:
كلما اقترب الحديث عن الانتخابات أو إعادة ترتيب المؤسسات، تندلع المواجهات. برأيكم، هل هناك من يعرقل المسار السياسي عمدًا؟ ومن يتحمل المسؤولية؟

عبدالحكيم بعيو :                                                                                                                   هناك من يربط بقائه واستمراره بالفوضى، وهذا بات واضحًا للجميع. المنظومة السياسية الحالية تهرب من أي عملية تغيير حقيقي، سواءً عبر الانتخابات أو توحيد المؤسسات. نحمّل المسؤولية لكل من يحتمي بالسلاح بدل الشعب. نحن نراهن على ضغط داخلي حقيقي نابع من الشارع الليبي، وليس على تفاهمات فوقية تموت عند أول مواجهة مسلحة.

فاطمة بالعربي:
حكومة الدبيبة تتهم بالضعف الأمني والتواطؤ مع بعض التشكيلات المسلحة. هل تتفقون مع هذا التوصيف؟ وكيف ستتعاملون مع هذا الإرث في حال توليكم الرئاسة؟

عبدالحكيم بعيو :                                                                                                                         لن ندخل في تقييمات شخصية، لكن الواقع الأمني يتحدث عن نفسه. المرحلة القادمة تتطلب انتقالًا حاسمًا من التعايش مع الجماعات المسلحة إلى احتوائها أو تفكيكها تحت سقف الدولة. هذا لا يتم بالوعود، بل بإجراءات عملية تفرض هيبة القانون وتحمي خيارات الشعب.

فاطمة بالعربي:
تعدد الحكومات وتنازع الشرعيات أضعف الدولة وأربك المشهد. ما هي أولى خطواتكم لإعادة توحيد مؤسسات الحكم؟ وهل تملكون تصورًا عمليًا لذلك؟

عبدالحكيم بعيو :
نقترح تشكيل حكومة وحدة مصغّرة، لا يتجاوز عمرها 18 شهرًا، وتضم أطرافًا رئيسية من مختلف المناطق. أولوياتنا هي توحيد المصرف المركزي، المؤسسة الوطنية للنفط، وديوان المحاسبة، كمداخل لاستعادة الثقة. لا إصلاح دون وحدة في القرار المالي والسيادي.

فاطمة بالعربي:
المبادرات الأممية والمغاربية، ومنها اتفاق الصخيرات وجولات بوزنيقة، لم تحقق الاستقرار. برأيكم، هل آن الأوان لإعادة صياغة هذه المسارات؟ وما موقع المغرب في رؤيتكم للحل؟

عبدالحكيم بعيو :
نُقدّر دور المغرب، ولا ننسى أن اتفاق الصخيرات ولقاءات بوزنيقة وفّرت مساحة للحوار حين ضاق الأفق. لكن نعم، نحتاج اليوم إلى صياغة جديدة تنطلق من الداخل الليبي، لا من مقاربات دولية مكررة. المغرب يظل شريكًا نزيهًا، لكن نجاح أي مبادرة يتوقف على مدى جاهزية الأطراف الليبية نفسها للتخلي عن المكاسب الضيقة.

فاطمة بالعربي:
كثير من الليبيين فقدوا الثقة في الطبقة السياسية، بل وفي الانتخابات ذاتها. كيف ستقنعون الشارع بجدوى مشروعكم؟ وما الذي يجعلكم مختلفًا عن من سبقوكم؟

عبدالحكيم بعيو :
الثقة تُبنى عبر الصدق أولًا، والنتائج ثانيًا. أنا لست من مخرجات السلطة الحالية، بل أتيت من قلب الاقتصاد الليبي، وأفهم ما تعنيه الدولة حين تنهار. ما يجعلني مختلفًا هو أنني لا أبحث عن سلطة بلا مشروع، ولا عن رئاسة في بلد مقسّم. مشروعي هو استعادة ليبيا التي يعيش فيها الليبي بلا خوف، بلا ابتزاز، وبلا وصاية.

خاتمة تحليلية – من باريس إلى طرابلس: هل يحمل بعيو مشروع الدولة؟

من خلال هذا الحوار، يظهر أن عبد الله بعيو يقدّم نفسه كبديل عقلاني، يوازن بين واقعية الاقتصاد ورؤية لإصلاح مؤسسات الدولة. لكن الرهان الأكبر يظل في قدرته على إقناع الليبيين، لا فقط النخب، بأن مشروعه ليس مجرد خطاب، بل خيار قابل للتنفيذ.

في مشهد ليبي أنهكه السلاح والوعود الفارغة، هل يكون بعيو أول من يفتح باب السياسة من خارج الميليشيات والولاءات؟ هذا ما ستجيب عنه الأشهر المقبلة.

spot_imgspot_img