لقاء غير متوقع وسريع جرى بين محمد شياع السوداني، رئيس وزراء العراق، وأحمد الشرع، رئيس سوريا الحالي، في الدوحة عاصمة قطر.
بعض المنابر شبهت اللقاء بأنه إنهاء لصيام العلاقات بين بغداد وحاكم دمشق الجديدة، وهو صيامٌ تعود أسبابه لوجود رفض لدى بعض الأطراف العراقية تولي الشرع، حكم سوريا، حيث تُلقى خلفية الرجل بظلالها على المشهد، وعلى الرغم من ترحيب العراق الرسمي باختيارات الشعب السوري واستهجانه للممارسات الإسرائيلية ضد السيادة السورية.
ويأتي هذا اللقاء كـ محاولة لإذابة جليد العلاقات قبل القمة العربية التي يستضيفها العراق بالشهر المقبل، وبعدما قامت الحكومة العراقية بتوجيه الدعوة للرئاسة السورية لحضور اجتماع القمة، وهو إجراءٌ بروتوكولي ولا مفر منه، باعتبار سوريا دولة عربية لها مقعد بجامعة الدول بغض النظر عن اسم وخلفية الرجل الذي يقيم في قصر الشعب بدمشق.
مصدر يكشف سبب اختيار المائدة القطرية لاحتضان الاجتماع
كشف مصدر عراقي لـ مجلة الدبلوماسية، أنّ اختيار المائدة القطرية للجمع بين السوداني والشرع، جاء بطلبٍ من الأخير وعلى أساس أن الدوحة لديها علاقات جيدة بالعراق وإيران.
كما ربط المصدر ذاته بين هذا اللقاء، وبين الاجتماعات الأمريكية – الإيرانية الخاصة بملف طهران النووي، بالاضافة للتصريحات الأخيرة لـ علي خامنئي، مرشد الثورة الإيرانية، عن المفاوضات الإيرانية مع الأمريكيين وهي تصريحات عبرت بطريقة أو بأخرى عن رغبة طهران بالتوصل لبعض الحلول مع واشنطن تجاه حزمة القضايا العالقة بين العاصمتين وبمقدمتها القضية النووية وسلوك إيران مع القوى الدولية الأخرى كـ الصين وروسيا ونشاطها الإقليمي.
المصدر العراقي قال أيضًا إن موافقة الدوحة على التوسط لاستضافة اجتماع شياع السوداني وأحمد الشرع، يعود للموقف القطري الداعم للنظام الجديد بسوريا وهو ذاته الموقف التركي.
بينما أرجع المصدر بعض التحركات التي تقوم بها عواصم مؤثرة بالعالم العربي والشرق الأوسط عمومًا تجاه سوريا، بأنها تأتي ضمن محاولات هذه العواصم خلق نفوذٍ لها بالداخل السوري بعد التغييرات السريعة والمفاجئة منذ سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول/ دجنبر) الماضي.
من هي الأطراف العراقية التي ترفض أحمد الشرع؟.. ولماذا؟
هناك أطرافًا بالعراق ترفض جلوس أحمد الشرع على رأس الحكم بسوريا، ويعد نوري المالكي، رئيس وزراء العراق الأسبق، ورئيس ائتلاف دولة القانون، أبرز مناهضيه، كما توجد فصائل وتيارات سياسية عراقية أخرى تتوافق مع موقف المالكي، وهي فصائل وتيارات لها علاقاتها بالنظام الإيراني.
وتعد القضايا الخلافية بين هذه الفصائل والتيارات العراقية، وبين الشرع، أعمق من حلها باجتماعٍ واحدٍ كـ اجتماع قطر الذي شارك فيه العراق الرسمي مُمثلًا في شخص محمد شياع السوداني، رئيس الحكومة.
وترى الجهات المناهضة لأحمد الشرع بالعراق، أن هذا الرجل الذي دخل سجون العراق وأخرجه منها الأمريكيون، حارب ضدها عندما كان في صفوف القاعدة، كما حارب ضدها عندما كان في صفوف تنظيم داعش، وكذلك حارب ضدها بعد تشكيله لجبهة النصرة.
وبخلاف ذلك، فإن هذه الجهات الموالية لإيران تتبنى وجهة نظر صانعي القرار في طهران ومفادها أن أحمد الشرع تولى رئاسة سوريا بعدما أسقط نظام حليفهم، بشار الأسد، ومن ثمّ فقدت إيران نقطة ارتكاز مهمة لها بالإقليم وصارت من دون حلفاء طبيعيين.
السياسة الإيرانية أيضًا ترى في الشرع رجلًا وصل من إدلب للسلطة بدمشق بعد وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل في نوفمبر (تشرين الثاني/ نونبر) الماضي، ضمن صفقة توافق عليها الأتراك مع الإسرائيليون.
ومن جانبها ترى تركيا وأطرافًا أخرى بالإقليم في أحمد الشرع، رئيسًا جاء للسلطة بفعل ثورة شعبية، وبالتالي صار الرجل يُستقبل كرئيس في دول المنطقة المحورية.