ذات صلة

أحدث المقالات

بين “الأسف” و”الإنكار”: الجزائر تعجز عن استيعاب التحول البريطاني نحو مغربية الصحراء

لندن تدعم الحكم الذاتي... والجزائر في متاهة التناقضات: هل...

الجمعية العامة لموئل الأمم المتحدة تفتتح دورتها الثانية المستأنفة بدعوة عاجلة للعمل

افتتحت الدورة الثانية المستأنفة للجمعية العامة لموئل الأمم المتحدة...

أزمة السكن العالمية: حالة طوارئ تتطلب إجراءً جريئًا

مقال رأي بقلم: كلاوديا روزباخ - وكيلة الأمين العام...

ملتمس الرقابة في البرلمان المغربي: مبادرة بلا أفق أم إنذار سياسي؟

ملتمس الرقابة الذي تقدّمت به مكونات المعارضة في مجلس النواب المغربي لإسقاط حكومة عزيز أخنوش يطرح أسئلة عميقة حول جدوى المبادرة، في ظل أغلبية برلمانية منسجمة تبدو واثقة من صلابتها. وبينما تصفه الأغلبية بأنه “بلا أفق سياسي”، يكشف الملتمس هشاشة التنسيق بين مكونات المعارضة. فهل نحن أمام محاولة فاشلة جديدة لإحياء الرقابة البرلمانية؟ أم أمام مؤشر مبكر على تصدع النظام السياسي من الداخل؟

1. الأغلبية: “لا نخشى النقاش، لكنه بلا جدوى”

السياق العام: الحكومة تستند إلى تحالف متماسك يضم ثلاثة أحزاب (التجمع الوطني للأحرار، الأصالة والمعاصرة، الاستقلال)، يشكلون 255 مقعدًا من أصل 395. هذا الواقع العددي يجعل إسقاط الحكومة عبر ملتمس الرقابة أمرًا مستبعدًا من الناحية العملية.

تصريحات الأغلبية تكشف موقفًا واضحًا:

  • 🗣 محمد شوكي (التجمع الوطني للأحرار): “المعارضة لا يجمعها إلا منطق اللحظة… الحكومة ستخرج منتصرة من أي اختبار.”

  • 🗣 أحمد التويزي (الأصالة والمعاصرة): “من العجز السياسي أن تتوقع المعارضة دعمنا لإسقاط حكومة نعتبرها ناجحة.”

  • 🗣 علال العمراوي (الاستقلال): “أعراف البرلمان واضحة، لا نساند مبادرات تستهدف استقرار الحكومة.”

السؤال الأساسي هنا: إذا كانت موازين القوة واضحة، والأغلبية مطمئنة، فما الجدوى من تقديم الملتمس أصلًا؟ هل الهدف هو تسجيل موقف إعلامي؟ أم أن المعارضة تحاول تحريك المياه الراكدة حتى لو كانت تعلم أن النتيجة محسومة؟

2. المعارضة: انقسام داخلي واستراتيجية غائبة

الصورة من الداخل:

  • المعارضة مكونة من أحزاب ذات مرجعيات متباينة (العدالة والتنمية، التقدم والاشتراكية، الاتحاد الاشتراكي).

  • صعوبات كبيرة في التنسيق بين الأطراف.

  • فشل في جمع التوقيعات المطلوبة (148 نائبًا على الأقل).

الأسباب العميقة للارتباك:

  • ❗️ خلافات أيديولوجية بين الإسلاميين واليساريين والليبراليين.

  • ❗️ تأثير الحسابات الانتخابية المحلية المقبلة، التي تجعل كل حزب حذرًا في التحالفات قصيرة الأمد.

السؤال الجوهري: هل يمكن للمعارضة أن تتجاوز منطق رد الفعل، وتقدم نفسها كبديل سياسي قابل للثقة؟ أم أنها ستبقى حبيسة المناورة الرمزية داخل مؤسسات مغلقة الأفق؟

3. من الرابح ومن الخاسر في هذه الجولة؟

مكاسب الأغلبية:

  • الظهور بمظهر الكتلة المتماسكة أمام الرأي العام.

  • فرصة لعرض المنجزات الحكومية والدفاع عن الحصيلة.

مكاسب محتملة للمعارضة:

  • إثارة نقاش عام حول السياسات الحكومية (الغلاء، البطالة، الصحة…).

  • اختبار مدى صلابة الأغلبية، واحتمال وجود أصوات متململة داخلها.

السؤال الاستراتيجي هنا: هل ستتمكن المعارضة من تحويل هذه المبادرة إلى فرصة للنقاش الوطني حول أولويات السياسة العمومية؟ أم أن النقاش سيتحول إلى مشهد استعراضي فارغ المضمون؟

4. قراءة دستورية وسياسية: الرقابة بين النص والممارسة

دستور 2011 وسّع من صلاحيات البرلمان، وكرّس آليات رقابية مثل ملتمس الرقابة. لكنه لم يغيّر في ميزان القوى الواقعي، حيث تبقى الأغلبية العددية والسياسية هي الحَكم الفعلي.

تجارب سابقة:

  • فشلت جميع ملتمسات الرقابة في البرلمان المغربي منذ 1998.

  • تُستخدم غالبًا كأداة رمزية للضغط وليس كسلاح سياسي فعّال.

السؤال الدستوري المفتوح: هل تعكس محدودية تفعيل الرقابة أزمة في أداء المعارضة؟ أم قصورًا في المنظومة السياسية نفسها التي تمنح الأدوات لكنها تقيد استخدامها فعليًا؟

5. الخاتمة: ما بعد الملتمس… هل يتغير شيء؟

السيناريوهات الممكنة:

  • فشل جمع التوقيعات: سيؤكد هشاشة المعارضة ويغلق الباب أمام أي مبادرة مماثلة قبل الانتخابات.

  • تقديم الملتمس ومناقشته: فرصة للمعارضة لتسجيل مواقف، لكن بلا أثر سياسي مباشر.

  • انشقاقات داخل الأغلبية؟: احتمال ضعيف جدًا في الظرف الحالي، رغم كل الضغوط.

الرسالة السياسية الأهم: الملتمس ليس مجرد ورقة برلمانية، بل مرآة تعكس عمق الأزمة داخل المعارضة، وتُظهر كيف تستفيد الحكومة من تشرذم خصومها أكثر من قوة برامجها.

أسئلة مفتوحة للنقاش:

  • هل فشل المعارضة في توحيد صفوفها يعكس أزمة تنظيمات سياسية؟ أم أنه نتيجة طبيعية لنظام سياسي يتحكم في المخرجات؟

  • كيف يمكن التوفيق بين استقرار الحكومة وفعالية الرقابة البرلمانية؟

  • ما الذي تحتاجه المعارضة المغربية لتنتقل من الاعتراض إلى التأثير؟

spot_imgspot_img