ذات صلة

أحدث المقالات

هل نضجت اللحظة البريطانية-المغربية؟

حين تصف لندن المغرب بـ"الشريك الموثوق": ماذا يعني ذلك...

المغرب والإمارات.. وطن واحد يتنفس من رئة التاريخ المشترك

المغرب والإمارات: نحو وحدة استراتيجية تتجاوز الجغرافيا في زمن تتبدل...

برؤية ملكية استشرافية… المغرب يُعيد رسم هندسة الأمان الوطني في مواجهة الكوارث

في عالم يتأرجح بين الكوارث الطبيعية غير المتوقعة، والأزمات...

من التعاون إلى التكامل الاستراتيجي: هل تؤسس الشراكة الدفاعية المغربية-المصرية لتحالف عربي جديد؟

في ظل عالم متقلب تشوبه الأزمات الجيوسياسية والصراعات غير المتكافئة، تبرز الشراكة الدفاعية بين المغرب ومصر كأحد أبرز مؤشرات التحول في العلاقات العربية-العربية، إذ لم تعد تقتصر على التعاون التقني أو تبادل الخبرات، بل تشق طريقها نحو تكامل استراتيجي متعدد الأبعاد يحمل دلالات أمنية وسياسية واقتصادية أعمق.

لكن، ما الذي دفع البلدين إلى هذا التقارب الدفاعي الآن؟ وما الرسائل التي يحملها في هذا التوقيت؟

توقيت محسوب ورسائل واضحة

جاء اللقاء بين وزير الدولة المصري للإنتاج الحربي محمد صلاح الدين مصطفى والسفير المغربي بالقاهرة محمد آيت وعلي، في توقيت محوري يعكس تحولًا نوعيًا في إدراك التحديات الإقليمية. فموقف القاهرة الداعم لمغربية الصحراء، وقرارها الانسحاب من مناورات جزائرية احتجاجًا على مشاركة جبهة البوليساريو، لم يكن مجرد موقف دبلوماسي، بل إعادة اصطفاف إقليمي يعكس تغيّرات أعمق.

سؤال جوهري يطرح نفسه هنا: هل تتجه القاهرة نحو تبني مواقف أكثر انسجامًا مع محور الرباط-الرياض في مواجهة المحور المناوئ الذي تتزعمه الجزائر وطهران؟

من الشراكة إلى البناء المشترك

الحديث لم يعد يدور فقط حول التعاون في مجالات التدريب أو تبادل المعلومات، بل يتجه نحو مشاريع صناعات دفاعية مشتركة تتيح لكل من مصر والمغرب تقليص التبعية للخارج، وبناء منظومات دفاعية متكاملة. فهل نشهد ميلاد قاعدة صناعية عسكرية عربية تمتد من شمال أفريقيا إلى الشرق الأوسط؟

وفي هذا السياق، تبرز أسئلة أخرى:

  • إلى أي مدى يمكن أن تنجح هذه المشاريع في بيئة تنافسية إقليمية ودولية؟

  • وهل تمتلك الدولتان الإرادة السياسية والتمويل اللازم لتطوير هذه الصناعات بشكل مستقل؟

الأمن المشترك وتبادل المعلومات: بداية تحالف استخباراتي؟

التحديات الأمنية العابرة للحدود – من الإرهاب إلى الجريمة المنظمة – تدفع دولًا مثل المغرب ومصر إلى توحيد الجهود الاستخباراتية والعسكرية. الشراكة الدفاعية تتيح فرصًا لتطوير آليات تنسيق دقيق في مواجهة التهديدات غير التقليدية. لكن، هل ستنتقل هذه الشراكة إلى مستوى التعاون الاستخباراتي الفعّال؟ وهل يمكن أن يشكل المغرب ومصر نواة غرفة عمليات أمنية عربية؟

تقارب على جبهات متعددة

الاجتماع الدفاعي الأخير لا يمكن فصله عن ديناميكيات التحالف الاقتصادي بين البلدين، والذي ترجم مؤخرًا بإطلاق “المنتدى المصري المغربي للاستثمار والتجارة”. فالعلاقة الاستراتيجية بين الرباط والقاهرة تتجاوز الجغرافيا العسكرية لتلامس الاقتصاد والتجارة والطاقة وحتى الدبلوماسية المتعددة الأطراف.

السؤال المهم هنا: هل نحن أمام نواة لتحالف إقليمي شامل؟ وهل هناك إرادة لتوسيع هذا النموذج ليشمل دولًا عربية أخرى تبحث عن بدائل في زمن تراجع النظام الإقليمي التقليدي؟

في مواجهة الفراغ الإقليمي والدولي

في ظل تراجع الدور الغربي في أفريقيا، وصعود قوى جديدة مثل الصين وروسيا، تسعى دول مثل المغرب ومصر إلى صياغة مقاربات أمنية وتنموية مستقلة، قائمة على التعاون جنوب-جنوب. فهل يمكن أن تشكل هذه الشراكة الدفاعية خطوة أولى نحو بناء تكتل قادر على اتخاذ قرارات مستقلة، بعيدًا عن الاستقطابات التقليدية؟

خلاصة: ما هو القادم؟

الشراكة الدفاعية المغربية المصرية تتجه نحو تجاوز الحسابات الضيقة إلى رؤية استراتيجية طويلة المدى. لكن النجاح مرهون بعدة عوامل:

  • مدى الاستقرار السياسي في البلدين،

  • حجم الاستثمارات الموجهة للقطاع الدفاعي،

  • ودرجة التنسيق مع باقي الشركاء الإقليميين.

وفي ضوء ذلك، يبقى السؤال المفتوح: هل تتحول هذه الشراكة إلى نموذج يمكن البناء عليه عربيًا وأفريقيًا؟ أم أنها مجرد لحظة تقاطع مؤقتة في سياق متغير؟

spot_imgspot_img