ذات صلة

أحدث المقالات

يورجن شولتس يقدم أوراق اعتماده كممثل دائم لألمانيا لدى جامعة الدول العربية

  التقى يورجن شولتس، سفير جمهورية ألمانيا بالقاهرة، اليوم الأربعاء،...

سفير فرنسا بالقاهرة يمنح وسام جوقة الشرف لبيير تاليه

منح إيريك شوفالييه، سفير فرنسا بالقاهرة، اليوم الأربعاء، وسام...

من بوابة المهرجان الوطني للفيلم بطنجة.. المركز السينمائي المغربي يكرّس رؤية جديدة للتواصل الثقافي والإعلامي.

في خطوة غير مسبوقة على مستوى التغطية الصحافية المتخصصة، وقّعت مجلة الدبلوماسية المغربية حضورها المتميز في الدورة الخامسة والعشرين للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة، المنعقدة ما بين 17 و25 أكتوبر 2025، حيث قامت لأول مرة في المغرب بإجراء مقابلات حصرية باللغة الإنجليزية وتغطية شاملة موجهة إلى العالم الأنجلو–فرانكوفوني، في مبادرة تُعد سابقة في المشهد الإعلامي والثقافي الوطني.

وقد جاءت هذه المبادرة بدعم ورؤية من المركز السينمائي المغربي (CCM) الذي حرص على الانفتاح على الإعلام المتعدد اللغات والثقافات، ليُتيح لمجلة الدبلوماسية المغربية هذه الفرصة الاستثنائية. وتخصّ المجلة بالشكر والتقدير المدير العام للمركز، السيد رضا بنجلون، الصحفي المعروف الذي أكد مرة أخرى أنه الرجل المناسب في المكان المناسب، لما أبداه من ثقة ودعم للمبادرات الإعلامية الهادفة إلى جعل السينما المغربية تخاطب العالم بلغات متعددة.

اليوم الخامس: لحظة فنية وإنسانية فارقة

لم يكن اليوم الخامس من المهرجان يوما عاديا، بل شكل محطة تأمل وانكشاف فني وإنساني اجتمع فيها المبدعون والنقاد والمهتمون بالشأن السينمائي حول تجارب جريئة أعادت تعريف العلاقة بين الصورة والإنسان والمكان. وقد تحولت قاعات العرض والنقاش إلى مختبر للأسئلة الكبرى حول معنى السينما ودورها في فهم الذات والمجتمع.

حكيم بلعباس وجمالية القبح

في ماستر كلاس استثنائي، قدّم المخرج حكيم بلعباس محاضرة فكرية حملت عنوان “سوق المحبة وجمالية القبح”، حيث قاد الجمهور في رحلة بصرية وفلسفية عميقة استمرت أكثر من ثلاث ساعات.

يُعرف بلعباس بأنه أحد أبرز ممثلي ما يُسمى بـ سينما الحميمية (Cinéma Intime)، التي تشتغل على التفاصيل الدقيقة للحياة الإنسانية وتلتقط هشاشتها بلغة بصرية تقوم على القرب، الضوء الطبيعي، والبوح الصامت.

في هذه السينما، يصبح الجسد فضاءً للتعبير وليس للاستعراض، وتتحول الكاميرا إلى عين تلتقط الصمت والرغبة والضعف أكثر مما تلاحق الحركة أو الحدث. قال بلعباس: “أكتب بالإحساس لا بالعقل، لدي بدايات كثيرة بلا نهايات، لأن الفيلم هو من يقرر متى ينتهي.”
إنها سينما العفة والمحبة التي تفكك السلطة وتحتفي بالإنسان في ضعفه لا في بطولاته.

“حب في الداخلة”… حين يتحول المكان إلى بطل

في فيلم “حب في الداخلة” (2025 – 100 دقيقة)، للمخرج خالد براهيمي، يصبح المكان هو قلب الحكاية. تتحول مدينة الداخلة إلى شخصية نابضة بالحياة، تحتضن قصتين لامرأتين تهربان من صخب الدار البيضاء نحو الجنوب بحثًا عن ذواتهما.

الداخلة هنا ليست مجرد خلفية، بل كائن حي يتنفس الحب والجمال، حيث تمتزج الصحراء بالبحر في مشهدية شاعرية تُجسد ما يمكن تسميته بـ سينما المكان.

يقول المخرج: “كنت أخشى أن تبتلع قصة الحب حب المكان.” لكنها في النهاية قصة عن عشق الأرض قبل عشق الإنسان.

“راضية”… أنوثة في مواجهة الفقد

أما فيلم “راضية” للمخرجة خولة أسباب بن عمر، فهو عمل نفسي بامتياز، يتتبع رحلة امرأة غنية بعد فقدان زوجها، تبحث عن معنى جديد للحياة من خلال علاقة غرامية تُعيد إليها الشعور بالوجود.

الفيلم ينتمي إلى سينما المؤلف النسائية، حيث يتحول اللون الأسود إلى لغة بصرية للتعبير عن الحزن والتمزق الداخلي، وتصبح الإضاءة والفراغ أدوات لقول ما لا يُقال.

تقدم خولة أسباب بن عمر صورة مختلفة للمرأة: لا كضحية، بل ككائن حرّ يعيد بناء ذاته بشجاعة وذكاء بصري لافت.

“ولادة جديدة”… صرخة في وجه القيود

الفيلم القصير “ولادة جديدة” للمخرج أيوب أيت بهي يعالج موضوع الهوية والحرية في مجتمع تُقيد فيه التقاليد الفرد. من خلال شخصيتين تعيشان آثار سنوات الرصاص، يصور المخرج لحظة تحرر داخلي تشبه الولادة الرمزية من جديد.

الفيلم، بإضاءة شاعرية وأداء تمثيلي مؤثر من لطيفة أحرار وأميمة بريد، يفتح باب التساؤل: من نكون حين نتحرر من نظرة الآخرين؟ وما الثمن الذي ندفعه من أجل الحرية؟

الختام: مغرب سينمائي جديد يتشكل

اختتم اليوم الخامس على نغمة من الأسئلة العميقة والتحولات الجمالية الواضحة: من “جمالية القبح” لدى حكيم بلعباس، إلى “حب في الداخلة”، و“راضية”، و“ولادة جديدة”، بدت السينما المغربية في طور إعادة تعريف نفسها بلغة فنية وإنسانية جديدة، أكثر صدقًا وجرأة.

ولمجلة الدبلوماسية المغربية، كان هذا اليوم بمثابة درس في الدبلوماسية الثقافية، يثبت أن المغرب لا يملك فقط سينما غنية، بل أيضًا إعلامًا قادرًا على جعلها تتحدث إلى العالم بلغات متعددة وبروح مغربية أصيلة.

spot_imgspot_img