ذات صلة

أحدث المقالات

الأمم المتحدة تشيد بخطة الاستجابة للاجئين في مصر

أشادت المُنسقة المُقيمة للأمم المتحدة في مصر، إلينا بانوفا،...

الوضع الإقليمي يضغط على الموارد.. مصر والأمم المتحدة تطلقان خطة الاستجابة للاجئين

أطلقت وزارة الخارجية والهجرة المصرية، بالتعاون مع المفوضية السامية...

من حرب الوثائق المفبركة إلى ارتباك الخصوم: هل بات المغرب رقماً صعباً في معادلات الإقليم؟

قراءة في خلفيات الهجمة الإعلامية على المغرب والسياق الجيوسياسي...

الخليج على صفيح ساخن: هل باتت المنطقة على أعتاب مواجهة أمريكية–إيرانية شاملة؟

قواعد أمريكية في حالة تأهب، زعماء الخليج يطالبون بضبط...

ما هو الموقف الأوروبي من حرب إسرائيل وإيران؟

تعطي الحكومات الأوروبية إسرائيل، مساحة أكبر في حربها الدائرة...

من حرب الوثائق المفبركة إلى ارتباك الخصوم: هل بات المغرب رقماً صعباً في معادلات الإقليم؟

قراءة في خلفيات الهجمة الإعلامية على المغرب والسياق الجيوسياسي لصراع النفوذ في المنطقة

في زمن تتسارع فيه التحولات الجيوسياسية، تتكثف الهجمات الدعائية ضد المملكة المغربية، في مشهد يبدو أنه آخر أوراق أنظمة مأزومة فقدت البوصلة في فضاء إقليمي لا يرحم المترددين. آخر فصول هذا الاستهداف تمثل في الترويج الواسع لوثيقة مفبركة نُسبت للسلطات المغربية، تتحدث عن “مقتل ضباط مغاربة في إسرائيل”.

ورغم الركاكة الظاهرة في الشكل والمحتوى، إلا أن الهدف منها ليس الإقناع بقدر ما هو إثارة الغبار الإعلامي وتوجيه الرأي العام العربي والإسلامي ضد المغرب في لحظة حساسة.

لكن، هل يمكن فهم هذا النوع من الدعاية المنخفضة المستوى بمعزل عن السياق الأوسع؟ ولماذا تعود الجزائر وإيران، عبر أذرعهما الإعلامية، إلى تبني أسلوب التضليل والتزوير بدل المواجهة السياسية الصريحة؟ وهل هذا التحول في الخطاب دليل قوة أم علامة على ارتباك عميق وخسارة ميدانية في لعبة النفوذ الإقليمي؟

الدعاية كسلاح المرتبك: محاولة شيطنة المغرب

الخبير الدولي في تحليل الصراعات وإدارة الأزمات، البراق شادي عبد السلام، يربط هذه الحملات بما يسميه بـ”الهستيريا الإعلامية” التي تستهدف المؤسسات الاستراتيجية للمغرب، وعلى رأسها المؤسسة العسكرية. ويضع ذلك في سياق فشل متواصل لمخططات اختراق الجبهة الداخلية المغربية، التي ما زالت متماسكة خلف المؤسسة الملكية.

تصريحات البراق تكشف أن لجوء الخصوم إلى أساليب “الجيل الرابع من الحروب” — حيث الشائعات والأكاذيب والتشويه الاستراتيجي هي الأسلحة — ليس إلا دليلاً على الضعف، ومحاولة يائسة للتشويش على نجاحات المغرب في ملف وحدته الترابية، خصوصاً مع تزايد التأييد الدولي لمبادرة الحكم الذاتي كحل وحيد وواقعي.

والمثير هنا أن الترويج لوجود عسكري مغربي في إسرائيل — وهو زعم مثير للسخرية في ذاته — يُراد منه شيطنة المغرب ضمن سردية “العدو المشترك”، وتوظيف المشاعر الدينية والقومية لاستهداف جيش يقوده الملك محمد السادس، المعروف بمواقفه المتوازنة والداعمة لقضايا الشعوب.

الجزائر – إيران: تحالف قلق يبحث عن ورقة ضغط

من جهته، يرى الناشط السياسي الجزائري شوقي بن زهرة أن الإعلام الجزائري الرسمي ذاته أصبح جزءاً من ماكينة تزوير ممنهجة، تهدف إلى التغطية على التحالف الغامض بين الجزائر وطهران، الذي بات يُقلق الداخل قبل الخارج. ويضيف أن اختلاق مثل هذه “الفضائح” ما هو إلا محاولة بائسة لصرف الأنظار عن الفشل الدبلوماسي الجزائري المتكرر، والعجز عن بناء تحالفات حقيقية مبنية على المصالح لا على الخطابات الفارغة.

معركة الصورة والمصداقية: كيف يرد المغرب؟

المغرب، حتى الآن، اختار الرد الاستراتيجي الهادئ، المعتمد على تعزيز التحالفات الحقيقية، وتثبيت مصداقيته الدولية، بدل الدخول في سباق التصعيد الدعائي. وهو خيار لا يعكس فقط قوة في الموقف، بل أيضاً نضجاً في إدارة المعركة الأوسع: معركة الصورة والمصداقية.

وفي هذا السياق، تبرز عدة تساؤلات تحتاج لطرحها بصراحة:

  • ما الذي يدفع نظاماً بأكمله لاختلاق وثائق مزورة لتشويه صورة دولة جارة؟

  • وأين تتجه العلاقات الجزائرية الإيرانية، وهل تمثل فعلاً تهديداً لتوازنات المنطقة؟

  • وكيف يمكن للمغرب أن يواجه هذا النوع من الحروب الناعمة دون الانجرار إلى نفس مستوى التراشق الإعلامي؟

بين الأكاذيب والانتصارات المغربية

الجواب على هذه الأسئلة لا يمكن فصله عن السياق الإقليمي والدولي. فالمغرب اليوم يُنظر إليه كشريك استراتيجي على أكثر من مستوى: أمني، اقتصادي، دبلوماسي. وقد تمكن من بناء رصيد ثقة دولي نادر، مقابل أنظمة تزداد عزلتها السياسية والدبلوماسية.

وفي مواجهة هذا الفارق، لا تجد هذه الأنظمة سوى سلاح الدعاية والتزوير. لكن ما يغفلونه هو أن معركة الوعي لم تعد تُحسم بأكاذيب تُروَّج على عجل، بل بتماسك داخلي، ومصداقية خارجية، وشبكة تحالفات مبنية على المصالح الحقيقية لا على العداءات المصطنعة.

خلاصة تحليلية

ما نعيشه اليوم ليس مجرد حملة دعائية ضد المغرب، بل تجلٍ جديد لما يسميه بعض الخبراء بـ”أزمة سردية في المعسكر المعادي”، حيث فشلت الخطابات القديمة، وانهارت المحاور التقليدية، ولم يتبق سوى التضليل كملاذ أخير. وفي المقابل، يبدو أن المغرب، رغم التحديات، يسير بخطى ثابتة نحو تعزيز تموقعه كقوة استقرار في محيط مضطرب، دون أن يُضطر لتبني لغتهم أو أساليبهم.

فهل حان وقت إعادة تعريف معادلات التأثير في المنطقة؟

spot_imgspot_img