قراءة في خلفيات الهجمة الإعلامية على المغرب والسياق الجيوسياسي لصراع النفوذ في المنطقة
في زمن تتسارع فيه التحولات الجيوسياسية، تتكثف الهجمات الدعائية ضد المملكة المغربية، في مشهد يبدو أنه آخر أوراق أنظمة مأزومة فقدت البوصلة في فضاء إقليمي لا يرحم المترددين. آخر فصول هذا الاستهداف تمثل في الترويج الواسع لوثيقة مفبركة نُسبت للسلطات المغربية، تتحدث عن “مقتل ضباط مغاربة في إسرائيل”.
🚨 الصواريخ الإيرانية لم ترحم حلفاء إسرائيل المغاربة
🔹 وفقًا لوثيقة مسرّبة، قُتل اثنان من كبار الضباط في الجيش المغربي أثناء مشاركتهما في تدريبات مشتركة مع الجيش الإسرائيلي، وذلك خلال الهجمات الصاروخية الإيرانية على الأراضي المحتلة.
— إيران بالعربية (@iraninarabic_ir) June 22, 2025
ورغم الركاكة الظاهرة في الشكل والمحتوى، إلا أن الهدف منها ليس الإقناع بقدر ما هو إثارة الغبار الإعلامي وتوجيه الرأي العام العربي والإسلامي ضد المغرب في لحظة حساسة.
لكن، هل يمكن فهم هذا النوع من الدعاية المنخفضة المستوى بمعزل عن السياق الأوسع؟ ولماذا تعود الجزائر وإيران، عبر أذرعهما الإعلامية، إلى تبني أسلوب التضليل والتزوير بدل المواجهة السياسية الصريحة؟ وهل هذا التحول في الخطاب دليل قوة أم علامة على ارتباك عميق وخسارة ميدانية في لعبة النفوذ الإقليمي؟
الدعاية كسلاح المرتبك: محاولة شيطنة المغرب
الخبير الدولي في تحليل الصراعات وإدارة الأزمات، البراق شادي عبد السلام، يربط هذه الحملات بما يسميه بـ”الهستيريا الإعلامية” التي تستهدف المؤسسات الاستراتيجية للمغرب، وعلى رأسها المؤسسة العسكرية. ويضع ذلك في سياق فشل متواصل لمخططات اختراق الجبهة الداخلية المغربية، التي ما زالت متماسكة خلف المؤسسة الملكية.
تصريحات البراق تكشف أن لجوء الخصوم إلى أساليب “الجيل الرابع من الحروب” — حيث الشائعات والأكاذيب والتشويه الاستراتيجي هي الأسلحة — ليس إلا دليلاً على الضعف، ومحاولة يائسة للتشويش على نجاحات المغرب في ملف وحدته الترابية، خصوصاً مع تزايد التأييد الدولي لمبادرة الحكم الذاتي كحل وحيد وواقعي.
والمثير هنا أن الترويج لوجود عسكري مغربي في إسرائيل — وهو زعم مثير للسخرية في ذاته — يُراد منه شيطنة المغرب ضمن سردية “العدو المشترك”، وتوظيف المشاعر الدينية والقومية لاستهداف جيش يقوده الملك محمد السادس، المعروف بمواقفه المتوازنة والداعمة لقضايا الشعوب.
الجزائر – إيران: تحالف قلق يبحث عن ورقة ضغط
من جهته، يرى الناشط السياسي الجزائري شوقي بن زهرة أن الإعلام الجزائري الرسمي ذاته أصبح جزءاً من ماكينة تزوير ممنهجة، تهدف إلى التغطية على التحالف الغامض بين الجزائر وطهران، الذي بات يُقلق الداخل قبل الخارج. ويضيف أن اختلاق مثل هذه “الفضائح” ما هو إلا محاولة بائسة لصرف الأنظار عن الفشل الدبلوماسي الجزائري المتكرر، والعجز عن بناء تحالفات حقيقية مبنية على المصالح لا على الخطابات الفارغة.
معركة الصورة والمصداقية: كيف يرد المغرب؟
المغرب، حتى الآن، اختار الرد الاستراتيجي الهادئ، المعتمد على تعزيز التحالفات الحقيقية، وتثبيت مصداقيته الدولية، بدل الدخول في سباق التصعيد الدعائي. وهو خيار لا يعكس فقط قوة في الموقف، بل أيضاً نضجاً في إدارة المعركة الأوسع: معركة الصورة والمصداقية.
وفي هذا السياق، تبرز عدة تساؤلات تحتاج لطرحها بصراحة:
-
ما الذي يدفع نظاماً بأكمله لاختلاق وثائق مزورة لتشويه صورة دولة جارة؟
-
وأين تتجه العلاقات الجزائرية الإيرانية، وهل تمثل فعلاً تهديداً لتوازنات المنطقة؟
-
وكيف يمكن للمغرب أن يواجه هذا النوع من الحروب الناعمة دون الانجرار إلى نفس مستوى التراشق الإعلامي؟