في الأيام الأخيرة، كثفت الجزائر جهودها بشكل ملحوظ لإعادة تقاربها مع النيجر، حيث استقبلت وفدًا نيجريًا رفيع المستوى برئاسة رئيس الوزراء محمد لمين زين ووزير الدفاع ساليفو موديلا. تأتي هذه الزيارة بعد أيام قليلة من زيارة وزير الطاقة الجزائري محمد عرقاب إلى النيجر بهدف إحياء مشروع أنبوب الغاز.
إعادة بناء العلاقات
تُعد زيارة الوفد النيجري إلى الجزائر خطوة استراتيجية لإعادة بناء العلاقات بين البلدين، حيث عقد الوفد اجتماعات مع رئيس الوزراء الجزائري أيمن بن عبد الرحمان ورئيس أركان الدفاع الجزائري، سعيد شنقريحة، بحضور وزير الدفاع النيجري ساليفو موديلا. تمحورت هذه الاجتماعات حول تعزيز التعاون في مجالات متعددة، بما في ذلك الأمن والعسكري، لمواجهة التحديات التي تشهدها منطقة الساحل حاليًا.
وتشير التقارير إلى أن الجزائر تسعى لتسريع عملية إعادة التقارب مع النيجر بعد الأزمة الدبلوماسية التي نشبت بين البلدين بسبب رفض الجزائر للانقلاب الذي وقع على الرئيس النيجري السابق محمد بازوم. وقد رفض الحكام الجدد في نيامي وساطة الجزائر بعد الإطاحة بالرئيس السابق.
الضرورات الإقليمية والاقتصادية
الاهتمام الجزائري بتعزيز علاقاته مع النيجر يرتبط بشكل وثيق بالوضع الإقليمي المتقلب. التصاعد في النزاعات في ليبيا، وتدهور العلاقات مع دول الجوار مثل مالي وبوركينا فاسو، والتوتر مع فرنسا بسبب دعمها لموقف المغرب في الصحراء الغربية، كلها عوامل تدفع الجزائر إلى البحث عن شراكات مستقرة في المنطقة.
تلعب العوامل الاقتصادية دورًا كبيرًا في هذه الدبلوماسية الجديدة. فمشروع أنبوب الغاز الذي يمر من نيجيريا عبر النيجر إلى الجزائر يُعتبر محوريًا في هذا السياق، حيث يتنافس مع مشروع مغربي مماثل يُعرف بأنبوب الغاز العابر لغرب إفريقيا، والذي يمتد من نيجيريا إلى المغرب مرورًا بـ11 دولة أخرى. تخشى الجزائر أن يؤثر المشروع المغربي سلبًا على مشروعها، خاصةً في ظل التأخيرات التي واجهها مشروعها بسبب الانقلاب في النيجر.
الضرورات الاستراتيجية
إن الحاجة الملحة لإيجاد شريك إقليمي موثوق تُعزز من أهمية الدبلوماسية الجزائرية مع النيجر. في ظل التوترات الأمنية والديبلوماسية، تزداد أهمية العلاقات المستقرة مع النيجر بالنسبة للجزائر، التي تسعى إلى تعزيز مكانتها الاستراتيجية وتأمين مصالحها الاقتصادية.
باختصار، تسلط جهود الجزائر المكثفة لإعادة بناء علاقاتها مع النيجر الضوء على استجابتها للأزمات الإقليمية والمنافسة الاقتصادية. ستشكل نتائج هذه الجهود الدبلوماسية بالتأكيد الديناميات الأوسع للسياسة الإقليمية وأسواق الطاقة في شمال إفريقيا.