اختتمت في سلطنة عُمان الجولة الأولى من المفاوضات بين واشنطن وطهران بشأن ملف إيران النووي، وسط أجواء إيجابية على الرغم من التهديدات الأمريكية باللجوء للخيار العسكري في حال لم تقلص إيران أنشطتها النووية، مما يثير المخاوف الإقليمية والدولية من الانزلاق لمواجهة شاملة بين البلدين.
وهذه الجولة من المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران، تأتي في ظل مناخ مشحون إقليميًا من حيث الصراع على النفوذ الذي ربما يعيد تشكيل منطقة الشرق الأوسط.
صندوق البريد العُماني.. المكان والتوقيت
مكان المفاوضات الحالية هو العاصمة العُمانية، مسقط، وسلطنة عُمان هي الدولة ذات التاريخ في الوساطة ما بين الطرفين الأمريكي والإيراني، وهي كذلك صندوق بريد جيد جدًا.
التوقيت للأمريكي هو أن رجل واشنطن المفاوض، ستيف ويتكوف، يأتي بطائرة مباشرة من موسكو إلى مسقط، بعدما اجتمع لـ 4 ساعات متواصلة مع الرئيس بوتين ولديه فائض قوة.
أما التوقيت فإنه يأتي بالنسبة للإيراني بعد تقرير من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تحدث عن وصول طهران إلى أكثر من مستوى تخصيب نووي 60%، وبجانب إحباط محاولة إيرانية لتهريب صواريخ لحزب الله اللبناني عبر البحر، فيما تمكنت شحنة أخرى من العبور لجماعة الحوثي باليمن.
والأطراف الموجودة في هذه المفاوضات داخل غرفة التفاوض هم 3، الأمريكي والإيراني، ووزير الخارجية العُماني، وهذا الأخير لعب دور فتح المفاوضات بشكلها غير المباشر ثم بعد ذلك تسير الأمور بشكل مباشر.
سياستين مختلفتين على طاولة التفاوض
بالنسبة للأمريكي، فهكذا يعتقد أنه يجلس للتفاوض ومعه أكبر فائض قوة، بجانب أن الرجل المفاوض ذاته، ويتكوف، كان يعمل دائمًا بالعقارات ومشهور بإتقانه فن إتمام الصفقات السريعة.
بينما الاختيارات المتاحة أمام الإيراني ضئيلة، إذ تم ضرب منصات صواريخه الأساسية مرتين، وفقد سوريا ولبنان، وباقي أذرعه بالمنطقة تعاني حالة ضعف، كما يمارس الإيراني المفاوضات من منظور الصبر الاستراتيجي، لذلك يتوقع أن يلجأ للخيارات التكتيكية بالتفاوض.
بالتالي توجد سياستين مختلفتين على طاولة التفاوض، هما استراتيجية الصفقات السريعة الأمريكية في مواجهة الصبر الاستراتيجي الإيراني، أو بمعنى آخر، راعي البقر الأمريكي في مواجهة حائك السجاد الإيراني.
سياسة الصبر الاستراتيجي طبقها الإيراني خلال مفاوضات 5+1 والتي استغرقت سنوات، بينما بالوقت الراهن فإن هناك متغيرات لم تكن موجودة بالسابق عندما لجأ الإيراني لهذه الاستراتيجية.
تلك المتغيرات هي وجود حاملتي طائرات بمنطقة الشرق الأوسط، وكذلك وجود دونالد ترامب بالبيت الأبيض، بالإضافة لوجود إنذار واضح وصريح من ترامب بأنه سوف يقدم على عمل عسكري ضد طهران في حال فشل المفاوضات، فهو يريد قبل مرور الـ 100 يوم الأولى لولايته الثانية أن يخرج للرأي العام الأمريكي ويعلن لهم إنجازاته بحرب روسيا وأوكرانيا وأزمة غزة والمشكلة الإيرانية، وبخلاف أنه فرض التعريفات الجمركية وكل العالم جاء لاستراضائه لأنه أقوى رجل بالعالم.