ذات صلة

أحدث المقالات

اليماحي يرحب بمبادرة بوتين لعقد قمة عربية – روسية على مستوى رؤساء الدول

التقى محمد بن أحمد اليماحي، رئيس البرلمان العربي، مع...

مسيرة مراكش تفضح “الاعتراف الملغوم” بالأمازيغية: من التعليم إلى الزلزال… معاناة لا تنتهي

مسيرة مراكش تفضح "الاعتراف الملغوم" بالأمازيغية: من التعليم إلى...

المغرب في قلب باريس: كيف رسّخ معرض سان ميشيل حضور الثقافة المغربية في أوروبا؟

في قلب باريس من 4 أبريل إلى 13، لم يكن معرض “المغرب عبر العصور” بساحة سان ميشال مجرد فعالية ثقافية عابرة، بل لحظة محورية جسّدت الحضور المغربي العميق في فرنسا، وأعادت تسليط الضوء على عمق الروابط التاريخية بين البلدين.

تألق هذا الحدث بحضور شخصيات بارزة، على رأسهم سفيرة المملكة المغربية بباريس، السيدة سميرة سطايل، التي تقود بنَفَس جديد الدبلوماسية الثقافية المغربية، والسيدة هناء البقالي، القنصل العام للمملكة بباريس، التي تلعب دورًا محوريًا في ربط الجالية المغربية بهويتها الغنية. كما حضر جان بيير لوكوك (Jean-Pierre Lecocq)، عمدة الدائرة السادسة بباريس، الذي فتح أبواب التاريخ أمام هذا الحضور المغربي الباذخ، إلى جانب السيد حسني الغزاوي، الرئيس الجديد لمجموعة العمران، الذي أكد من خلال مشاركته على تلاقي البعد الحضاري بالبعد التنموي في رسم صورة المغرب المعاصر.

في هذا السياق، تلقت “الدبلوماسية” تغطية ميدانية من الزميلة فاطمة بالعربي، مراسلة المجلة في العاصمة الفرنسية باريس، حول فعالية ثقافية لافتة أقيمت بساحة سان ميشيل، إحدى أبرز الساحات الرمزية في الدائرة السادسة من المدينة.

المعرض، الذي نظمته القنصلية العامة للمملكة المغربية بباريس بشراكة مع بلدية باريس 6 ووكالة  “فعاليات ديكوما” ، لم يكن مجرد حدث ثقافي عابر، بل تحوّل إلى مساحة حوار وتجديد للروابط بين الجالية المغربية وموروثها الحضاري، وأتاح منصة للتفاعل مع جمهور دولي واسع.

جالية حاضرة وهوية متجددة

شهدت الأيام الثقافية حضوراً لافتاً من مغاربة إيل-دو-فرانس، خصوصاً من الجيلين الثاني والثالث، بل والرابع أيضاً. شبان وشابات وُلدوا في فرنسا، لكنهم توافدوا إلى المعرض حاملين أعلام المغرب وصور جلالة الملك، في مشهد يطرح تساؤلاً عميقاً:

هل تعكس هذه الحماسة عودة للارتباط بالهوية المغربية وسط موجات التغريب والاندماج الثقافي؟

تنوع في العرض… ورسائل متعددة

المعرض لم يقتصر على الفولكلور، بل ضم أجنحة عكست تنوع المنتجات المغربية من الصناعات التقليدية والمأكولات، إلى قطاعات الإعلام والخدمات البنكية. وقد بدا واضحاً أن المغرب يسعى إلى تقديم نفسه في باريس كقوة ثقافية واقتصادية ناعمة.

إلا أن السؤال الذي يظل مطروحاً هو: هل يكفي هذا النوع من المعارض لتثبيت صورة المغرب لدى المتلقي الأجنبي، أم هناك حاجة إلى استراتيجيات ثقافية تواصلية أكثر انتظاماً وتخصصاً؟

نجاح تنظيمي وشراكة نموذجية

جاء نجاح هذا الحدث ثمرة تعاون بين مؤسسات مغربية وفرنسية، وعلى رأسها القنصلية العامة المغربية وبلدية باريس. هذا التآزر بين الرسمي والمهني أثبت مرة أخرى أن التنسيق المؤسساتي قادر على نقل صورة مشرفة عن المغرب في الخارج.

لكن يبقى من المشروع أن نتساءل: هل من خطط لتحويل هذا النجاح إلى سياسة ثقافية دائمة؟ وهل يمكن نقل النموذج إلى مدن أوروبية أخرى تستقبل جاليات مغربية مهمة، مثل بروكسيل، برشلونة أو مونتريال؟

الإعلام الدولي يتجاوب… ولكن بأي محتوى؟

نال الحدث تغطية واسعة من وسائل الإعلام الفرنسية والدولية، ما يعكس قيمة الحدث ومكانته. غير أن التغطية الإعلامية، رغم اتساعها، تطرح إشكالية: هل كانت مجرد تغطية سطحية، أم تم تقديم قراءة معمّقة للرسائل التي يحملها هذا المعرض؟

باريس ليست النهاية

من خلال ساحة سان ميشيل، أرسل المغرب رسالة واضحة: الثقافة ليست ترفاً، بل أداة دبلوماسية فعّالة. غير أن المسألة تتجاوز البُعد الرمزي إلى سؤال استراتيجي:

ما مدى استعداد المغرب لتحويل الجسور الثقافية إلى أدوات تأثير طويل الأمد في السياسات العامة لبلدان الاستقبال؟

خلاصة أولية

ما بين الاحتفاء والتسويق الثقافي والتفاعل الشعبي، نجح “صالون المغرب” في تقديم صورة حضارية ناصعة عن المملكة. غير أن تقييم هذا النجاح يظل مرهوناً بقدرة المؤسسات على استثماره استراتيجياً، وتحويل لحظة ثقافية مشرقة إلى مسار دائم من الحضور والتأثير.

spot_imgspot_img