ذات صلة

أحدث المقالات

جنوب إفريقيا وصحراء المغرب: تحول سياسي في الموقف أم مناورة انتخابية؟

تصريح زوما وحزب MK يؤكدان دعم الحكم الذاتي… هل...

حين لا يكفي فتح المعابر: هل تصمد الشراكة المغربية الإسبانية أمام موجة التحريض؟

بين الشراكة الرسمية والكراهية اليومية: عندما تصطدم عملية "مرحبا"...

الأمم المتحدة والحكومة المصرية تحتفلان بيوم السكان العالمي

احتفل صندوق الأمم المتحدة للسكان ووزارة الصحة والسكان المصرية،...

يهود مغاربة يعودون من إسرائيل إلى المغرب: حنين إلى الجذور أم هروب من واقع مضطرب؟

في تحول ديمغرافي وثقافي غير مسبوق، بدأت ظاهرة الهجرة...

يهود مغاربة يعودون من إسرائيل إلى المغرب: حنين إلى الجذور أم هروب من واقع مضطرب؟

في تحول ديمغرافي وثقافي غير مسبوق، بدأت ظاهرة الهجرة العكسية لليهود المغاربة من إسرائيل إلى المغرب تثير تساؤلات حارّة في الأوساط السياسية والثقافية والإعلامية، بعدما كانت مجرد حالات فردية متفرقة. الآن، ووفق تحقيق نشرته صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، بات الحديث عن “عودة جماعية ناعمة” لليهود المغاربة من إسرائيل إلى بلد الجذور.

بين الرباط وتل أبيب.. مسارات العودة

أبطال هذه الموجة الجديدة من العائدين ليسوا من الجيل الأول، بل من أبناء وأحفاد اليهود المغاربة الذين ولدوا في إسرائيل، وتعلموا في مدارسها، وتحدثوا العبرية، لكنهم اليوم يختارون المغرب لبناء حياة مختلفة. نيطاع حزان، إحدى هؤلاء، قالت للصحيفة إنها “شعرت بفرحة غامرة عندما حصلت على بطاقة الهوية المغربية في الرباط”، ووصفت ذلك بأنه “تحقيق لحلم طال انتظاره”.

حن ألمليح، المقيمة حاليًا في الدار البيضاء، اعتبرت عودتها “رجوعًا إلى الذات”، بينما يسعى فنانون وأكاديميون ومقاولون آخرون للاستقرار بين مراكش وفاس والرباط، إما بشكل دائم أو عبر نمط عيش مزدوج.

أسباب متعددة: من الحنين إلى الإقصاء

العودة ليست فقط استجابة عاطفية لنداء الذاكرة، بل ترتبط أيضًا، كما تشير الصحيفة، بشعور “الإقصاء والتهميش” داخل إسرائيل، خاصة في بلدات التطوير التي وُجه إليها اليهود المغاربيون بعد هجرتهم. كثيرون من الجيل الثاني والثالث يشعرون أن الدولة العبرية لم تنصفهم ثقافيًا أو اجتماعيًا.

وتأتي الأزمة السياسية والاقتصادية الإسرائيلية، إضافة إلى الحرب في غزة وتصاعد التوترات، كعوامل محفّزة على هذه الهجرة المعاكسة. المغرب، من جهته، يُنظر إليه كملاذ ثقافي آمن، ومجتمع متسامح قادر على احتضان الهويات المتعددة.

الحنين الثقافي.. تعليم الدارجة داخل إسرائيل

الدكتور يونا ألفاسي، أنثروبولوجي من أصول فاسية، يقود مشروعًا لتعليم الدارجة المغربية في تل أبيب، مشيرًا إلى أن “الإقبال المتزايد يعكس رغبة عميقة في تصحيح أخطاء الماضي”. الثقافة المغربية، بلغتها وموسيقاها ومطبخها، تحولت إلى عنصر جذب داخل المجتمع الإسرائيلي نفسه.

إكراهات قانونية ومخاوف اجتماعية

رغم الحماس، تعترض العائدين عوائق إدارية صارمة بعد أن استغل بعض المجرمين ثغرات قانونية لاستخراج الجنسية المغربية. كما واجه بعض العائدين مواقف عدائية بسبب جواز سفرهم الإسرائيلي، في ظل حساسية الشارع المغربي تجاه ملف التطبيع، رغم تمسّكه التاريخي باليهود المغاربة.

الفنان الإسرائيلي فني بيرتس، المقيم في مراكش، تحدث عن مضايقات بسبب مواقفه، مثل رفض التعاون من بعض زملائه المغاربة أو وضع علم فلسطين على سيارته بعد أحد العروض.

بين الهوية والسياسة: سؤال المرحلة

هل نحن أمام تصالح تاريخي بين اليهود المغاربة ومغربهم؟ أم أن هذه العودة تظل مشروطة بموازين سياسية وثقافية معقدة؟ ما موقع التطبيع في كل هذا؟ وهل يتحول المغرب فعلاً إلى بديل حضاري لليهود الشرقيين الباحثين عن مكان يليق بتاريخهم؟

خاتمة: وطن يُستعاد أم يُكتشف؟

عودة اليهود المغاربة من إسرائيل إلى المغرب ليست مجرد حركة انتقال جغرافي، بل هي فعل رمزي عميق في الجغرافيا الثقافية للهويات المتشابكة. في زمن تتعقّد فيه الحدود وتتشابك فيه الولاءات، يعود أبناء المغرب إلى أرضهم لا ليبدؤوا من جديد، بل ليُعيدوا كتابة علاقة قديمة، بلغة الحنين، وبأسئلة المستقبل.

spot_imgspot_img