فتحت القمة العربية الإسلامية الطارئة التي انعقدت بالدوحة سجالًا جديدًا حول مستقبل العلاقات بين إسرائيل والدول العربية، خصوصًا تلك التي تربطها اتفاقيات تعاون أو مسار تطبيع سياسي واقتصادي. وجاء البيان الختامي للقمة ليؤكد على وحدة المصير والأمن الجماعي، معلنًا تضامنًا مطلقًا مع قطر في مواجهة الهجوم الإسرائيلي على أراضيها، ومنددًا بما وصفه بـ”العدوان الجبان” الذي يستهدف دولة ذات سيادة، مع رفض أي محاولة لتبرير هذا الاعتداء.
هذا السياق يضع المغرب أمام أسئلة محرجة ومعقدة:
هل يراجع المغرب علاقاته مع إسرائيل؟ وهل يمكن لرئاسته للجنة القدس وما يترتب عليها من مسؤولية رمزية ودينية أن تتقاطع مع حساباته الإستراتيجية المرتبطة بالاتفاق الثلاثي مع واشنطن وتل أبيب؟
الأستاذ خالد الشيات، المتخصص في العلاقات الدولية، يرى أن المغرب لا يمكنه التضحية بالاتفاق الثلاثي، لأن دوافعه الإستراتيجية ما زالت قائمة، بل تعززت مع التقدم الذي حققته المملكة في ملفها الوطني الأول، قضية الصحراء. ويعتبر أن الحديث عن إلغاء التطبيع سابق لأوانه، في ظل غياب فضاء عربي موحد قادر على حماية القيم الوحدوية والدفاع عن القضايا المشتركة. فالمغرب، حسب رأيه، لا يستطيع أن يكون ضحية لعجز المنظومة العربية، ولا يمكنه أن يغامر بمكاسب إستراتيجية لم تتغير شروطها.
في المقابل، يقدم عبد الحفيظ اليونسي، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، قراءة مغايرة، إذ يرى أن حجم الجرائم التي ترتكبها إسرائيل، من إبادة وتهجير وتجويع في غزة، واستيطان وتهويد في الضفة والقدس، بات يفرض مراجعة جدية للمقاربة العربية في التعامل مع هذا “الكيان المارق”، على حد وصفه. ويؤكد أن المغرب، بصفته رئيس لجنة القدس، ملزم أخلاقيًا وسياسيًا باتخاذ مواقف أكثر حزمًا، وأن أقلها وقف العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع إسرائيل. لكنه يعترف في الوقت ذاته بصعوبة هذا الخيار، نظرًا لارتباطه باتفاقيات أبراهام وما تحمله من التزامات، خصوصًا في ظل الدعم الأمريكي لملف الصحراء.
هنا تطرح أسئلة جوهرية:
-
هل يستطيع المغرب الجمع بين الحفاظ على موقعه الإستراتيجي في ملف الصحراء وبين الوفاء لرمزية القدس التي يرأس لجنتها؟
-
إلى أي مدى يمكن أن يشكل العدوان الإسرائيلي على قطر عاملًا ضاغطًا على الدول المطبعة، ومنها المغرب، لإعادة النظر في مسارها؟
-
وهل ما زالت الشعوب العربية والإسلامية تثق في جدوى القمم والبيانات التضامنية، في وقت تعجز فيه الدول عن صياغة بديل جماعي لمواجهة هذا التحدي؟