الدار البيضاء – في تصريح حديث له، أشاد السفير الجديد للاتحاد الأوروبي لدى المغرب، ديميتر تزانتشيف، بـ”النجاح الملحوظ” للعلاقات الاقتصادية بين الرباط وبروكسل، مؤكداً أن التجارة الثنائية قد تضاعفت خمس مرات خلال ربع قرن. لكن بين هذه الأرقام المبهرة تكمن أسئلة استراتيجية عميقة حول طبيعة هذه الشراكة، امتدادها الاجتماعي والسياسي، وأثرها الفعلي على المواطن المغربي.
منذ توقيع اتفاقية الشراكة أواخر التسعينيات، سجلت التجارة بين المغرب والاتحاد الأوروبي ارتفاعاً ملحوظاً، إذ تجاوز حجم التبادل التجاري 60 مليار يورو في 2024، مع اعتماد المغرب على السوق الأوروبية لتصدير منتجاته الزراعية والصناعية، بينما يظل الاتحاد الأوروبي المورد والمستثمر الأول في المملكة. لكن هذه العلاقة، وإن بدت متكافئة على الورق، تكشف في العمق اعتماداً متبادلاً غير متوازن، يعكس توزيع قوة واضح بين الشمال والجنوب.
تجاوز الاقتصاد وحده ليس كل القصة؛ فالمغرب يلعب دوراً محورياً في قضايا الهجرة والسياسات الأمنية، ما يجعل الشراكة الاقتصادية جزءاً من شبكة جيوسياسية أوسع، تتداخل فيها السيادة الوطنية والمصالح الأوروبية. وفي الوقت نفسه، تثير الاتفاقيات التي تشمل الصحراء المغربية توترات قانونية وسياسية، ما يجعل نجاح الشراكة الأوروبية المغربية موضوع نقاش مستمر بين أوساط المجتمع المدني والمراقبين الدوليين.
كما يظهر تحدٍ آخر في المنافسة الاقتصادية العالمية، خصوصاً مع توسع علاقات المغرب مع الصين واستثماراتها في البنى التحتية الكبرى، ما يطرح سؤالاً حول قدرة الرباط على إعادة صياغة دورها كشريك مؤثر لا تابع في السوق الأوروبية والدولية.
في هذا السياق، يتعين النظر إلى تصريحات السفير الأوروبي ليس فقط كاحتفاء بالأرقام، بل كدعوة للتفكير في عمق العلاقات، التوازن بين مصالح الطرفين، وأثرها الفعلي على المواطن المغربي. هل هي شراكة حقيقية بين قوى متساوية، أم مجرد إعادة تموضع استراتيجي في لعبة دولية أكبر من مجرد التجارة؟