خلال الدورة الخامسة والعشرين للمهرجان الوطني للفيلم في طنجة، برز المخرج هشام حيضر كأحد الأصوات السينمائية المتميزة التي تعكس التطور النوعي للمشهد الفني المغربي. ما يجعل حضوره جديرًا بالانتباه ليس مجرد إخراجه للأفلام، بل رؤيته المتجددة وحسه السينمائي الناضج الذي يترجم خبراته التقنية الطويلة إلى لغة بصرية قوية ومؤثرة.
تفكيك المشهد:
حيضر لم يظهر كفنان منعزل، بل كجزء من منظومة سينمائية متكاملة، تشمل المهرجانات، التقنيين، المنتجين، والورشات التكوينية. في حديثه، أبرز أن التطور المغربي في السينما لا يقتصر على الكم (عدد الإنتاجات) بل يشمل جودة الكفاءات الفنية والتقنية، ما جعل المغرب منصة موثوقة للإنتاجات الأجنبية، وأدى إلى تصدير تقنيين مغاربة للمشاريع العالمية. هذه الإشارة تكشف رسالة ضمنية قوية: المغرب قادر على التنافس عالمياً، ووجود كفاءات وطنية هو مفتاح صناعة سينمائية مستدامة.
آفاق المستقبل:
حيضر لا يقتصر على الإبداع الفردي، بل يرى أن السينما المغربية يجب أن تُبنى على تكوين مستمر ومهني، ودمج التكنولوجيا الحديثة بما فيها الذكاء الاصطناعي، لتواكب الإنتاجات العالمية. كما شدد على ضرورة تطوير المناهج التعليمية، من خلال بكالوريا فنية ومعاهد متخصصة في السينما والموسيقى والمسرح، لضمان انخراط الشباب الموهوب في الصناعة من مرحلة مبكرة. هنا يظهر بعد استشرافي: السينما ليست مجرد فن، بل رافعة اقتصادية ودبلوماسية تعكس صورة المغرب في الخارج.
الحوار مع الجمهور:
إحدى النقاط اللافتة في فلسفة حيضر هي الاقتراب من الجمهور وتقديره للمجهود الإبداعي دون التركيز على الجوائز. يرى أن المشاركة في المهرجانات هي فرصة لفهم تفاعل الجمهور مع العمل السينمائي، وهو ما يعكس توجهًا حضاريًا ومعرفيًا: صناعة السينما لا تنحصر في الإطراء، بل في التفاعل البنّاء الذي يرفع مستوى التجربة الفنية.
أسئلة للتحليل والتأمل:
-
كيف يمكن للسينما المغربية أن تحافظ على توازنها بين الأصالة والاحترافية التقنية؟
-
هل الاستثمار في التكوين الفني للشباب سيؤدي فعلاً إلى تحول نوعي في الصناعة أم أن التحديات الاقتصادية والسياسية ما زالت تعيق ذلك؟
-
إلى أي مدى يمكن للسينما أن تصبح رافعة اقتصادية ودبلوماسية للمغرب، دون أن تفقد استقلاليتها الفنية؟



