ذات صلة

أحدث المقالات

غانا تجمد علاقاتها مع “بوليساريو”: نجاح دبلوماسي جديد للمغرب يعزز مشروع الحكم الذاتي

في خطوة دبلوماسية بارزة، أعلنت جمهورية غانا تعليق علاقاتها...

“بعد الحكم على جنسيات أخرى: براءة مغاربة هولندا تكشف الأجندة الخفية لتشويه صورتهم!”

شهدت العاصمة الهولندية أمستردام حالة من التوتر والعنف بعد...

هولندا للجميع أم لجزء فقط؟ خطاب الملك وأزمة التعايش الثقافي في مواجهة خطاب التطرف

في خطاب سنوي بمناسبة الأعياد المسيحية، أكد العاهل الهولندي...

أمن المنطق أن نتطلع إلى زيارة الرئيس الفرنسي إلى بلادنا ؟

المكي أبو الشمائل، باحث فكر وكاتب

المكي أبو الشمائل، باحث فكر وكاتب

.من الأخبار التي وقعت تحت عيني هذا الأسبوع خبر غريب مفاده أن الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون عمل على تأجيل موعد زيارته للمملكة المغربية، قيله كذلك وكأن هذه الزيارة قدر مقدور لا بد من حدوثه، بينما المملكة المغربية- كبلد حضاري ذي سيادة وتاريخ وصيت- غير ملزم بقبول هذه الزيارة فيما يقبل او يرفض من أمور تخص مصلحته العليا، وفيما ينتظر ضمن انتظاراته العائدة إليه بالخير.

كيف يا ترى تقبل هذه الزيارة ويسعى إلى حصولها وإرهاصات تتراءى في الأفق السياسي منذ شهور مما يمكن تسميته بمؤشرات كيد في الخفاء تصدر عن الرئيس الفرنسي بغاية المس بمصالح المغرب وعرقلة مسيرته التنموية بشتى المناورات التي لا تخفي على المحللين السياسيين والخبراء الاستراتيجيين ؟ ومن ثمة فلا يستبعد أن يكون الرئيس الفرنسي هذا أيضا وراء الموقف المعادي للمغرب الذي وقفه مؤخرا، بكيفية مكشوفة سافرة، وبكيفية تنم عن انعدام التجربة السياسية، الرئيس التونسي مؤخرا من صحرائنا المغربية التي لا يجادل فيها إلا كل حقود عنيد.

ونظرا للموقف المتصلب الذي مافتئ الرئيس الفرنسي ماكرون يسلكه إزاء بلدنا المغرب، فلا يستبعد- والإرهاصات دالة على ذلك قبلا في نفس السياق- أن يكون هذا الرئيس هو الذي يحرض جنرالات بلد الجوار ودميتهم الكرطونية على اتخاذ الموقف العدائي المعروف والمعلن جهارا ضد بلدنا منذ ردح من الزمن غير قصير.

لا جرم أن الرئيس الفرنسي قد يوحي أيضا إلى أصحاب الميولات الماكيفيلية هؤلاء بإشعال فتيل الحرب بين بلدنا وبلد الجوار، موحيا إليهم زخرف القول غرورا، طالما أن إيحاء شيطانيا من هذا القبيل يخول فرنسا فرصة ذهبية لبيع السلاح إلى البلد المتباهي بقوته الضاربة، وإحكام القبضة على اكبر بلد جغرافيا في شمال أفريقيا، خاصة أن القارة الأفريقية برمتها اليوم تسعي بشتى الوسائل إلى التخلص بل التحرر من الهيمنة الفرنسية العميقة الجذور، ومن الفرنكوفونية المقيتة لأن كلتا الحقيقتين مكرسة للتبعية البغيضة ومؤدية إلى مزيد من الاستغلال الفرنسي لثروات أفريقيا.

ورغم كل هذه الآفات والكوارث التي هي من صنع الدولة الفرنسية اليوم على عهد ماكرون، فإن الرئيس الفرنسي كذلك ماض قدما في تجاهل معطيات التاريخ ليصر على طمس الحقيقة المتعلقة بخرائط 1880 و 1844 زمن اتفاقية للا مغنية المغربية، 1906 زمن اتفاقية الجزيرة الخضراء، و 1912 زمن عقد الاحتلال الفرنسي لا الحماية الكاذبة، إذ كل تلك الخرائط تشهد- بما لا يدع مجالا للشك- على اقتطاع أطراف شاسعة من أقاليمنا الشرقية كتيندوف وتوات والقنادسة وبشار وعين صالح لتضاف، في زمن مضى، إلى دولة الجوار، صاحبة الاسم الرنان اليوم والتي تهيمن اليوم ظلما وعدوانا وتطاولا وتسلطا، بمنطق التوسع الآثم، على تلكم الأراضي التي كانت فرنسا آنذاكم تعتبرها جزءا لا يتجزء من الأراضي الفرنسية، لولا أن التاريخ سفه أحلام المحتلين الفرنسيين فيما ادعوه من امتلاك زائف كاذب.
ثم هل نسينا أم تناسينا نحن المغاربة المتشبثين بدين الحنفية السمحة الخطب الهدامة لديننا التي نطق بها عمانويل ماكرون سابقا، في عهد قريب، متجنيا حاقدا، وهو يترلص بديننا الدوائر، شاتما رسولنا الأكرم عليه الصلاة والسلام من موقع حقد أعمى؟

كان هناك صمت مريب رغم ردود ومواقف ضعيفة، وحتى الأزهر الشريف، مع كامل الاسف آنذاكم، لم يكن في مستوى مسؤلياته الدينية التاريخية لإفحام هذا الخصم اللدود للإسلام، لا لأن الأزهر لم يكن يمتلك الرد المفحم الذي يقدر أن يقول لمعادي الإسلام بأن حجته داحضة، ولكن لأن خلو تلك المؤسسة الهامة من الشجاعة الأدبية حالت دون المبتغى، أى دون نصرة الإسلام والانتصار لدين الله من غير أن يكون هناك خوف لومة لائم.

فإن يكن صمت هناك مريب زمن حصوله، وقد حصل، فإن المغرب- بلد المذهب المالكي وبلد القاضي عياض، وأبي بكر بن العربي المعافري، وأبي إسحاق الشاطبي، وابن حزم الأندلسي المغربي، والفيلسوف الفقيه المالكي أبي الوليد بن رشد، وأعلام غيرهم نبغاء الفقه واللغة كعبد الواحد بن عاشر ومحمد بن أجروم الصنهاجي والفقيه الهبطي نابغة وقفات القرآن، إن مغربا هذه منزلته العلمية يأبى- لا شك يأبى- قبول الأذى الذي ألحقه الرئيس الفرنسي عمانويل ماكرون بالإسلام وبنبي الإسلام !

وقد جاء في المثل: إذا كنتما أنتما قد رضيتما، فإن العدل لا يرضى !

أفبعد كل هذه السلوكات المؤسفة المؤدية إلى المس بديننا وبنبينا، والضارة بمصالح بلدنا، كما وردت على لسان الرئيس الفرنسي وفي سلوكه الاستفزازي، يبقى هناك مجال للكلام عن زيارته للممملكة المغربية الشريفة التي هي امتداد تاريخي للأمبراطورية المغربية الشريفة Empire chérifien، تلكم الأمبراطورية التي كان كل ملوك فرنسا يحسبون لها ألف حساب ( شارلمان لويس الرابع عشر، الخ.) ؟

فإن يكن للإعلام المغربي من توجهات وطنية تذكر، مضافة إلى التمكن من أصول مهنة الصحافة وأدواتها الفعالة، دور في إقناع السلطات الحكومية في البلاد، والدوائر العليا خاصة، كى تعلن عن عدم استعداد المملكة المغربية لاستقبال الرئيس الفرنسي باعتباره مرحليا شخصية غير مرغوب فيها persona non grata، فإن موقفا كهذا سيكون لا محالة بمثابة قرار تاريخي سيعمل على خلق موقف جديد لدى الرئيس الفرنسي يطبعه الاتزان والاتعاظ بكيفية تضمن مراعاة مصالح المغرب…

فلا بد أن يأتي يوم تعترف فيه فرنسا بضرورة نبذ المناورات الضارة بمصالحنا كمغاربة، والتعامل مع بلدنا كند لها دبلوماسيا وحضاريا، وإلا تفعل يكن تولي الوجه عندنا في المغرب شطر عالم الانجلو ساكسون، وفي ذلك الخسارة كل الخسارة لها، أى الدولة الفرنسية.

spot_imgspot_img