هددت المملكة المغربية الشريفة باتخاذ “ردّ قوي ومناسب” في حال استعمال ما بيمى بجبهة “البوليساريو” الانفصالية الطائرات المسيّرة الإيرانية لتهديد سلامة وأمن أراضيها، متهمة طهران بـ”زعزعة استقرار” المنطقة.
جاء ذلك على لسان السفير الدائم للمغرب في الأمم المتحدة عمر هلال، خلال مؤتمر صحفي عقده الخميس بعد صدور قرار مجلس الأمن الدولي حول الصحراء القاضي بتمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة إلى الصحراء” مينورسو” عاماً إضافياً، حتى 31 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وحذر هلال، خلال ردّه على سؤال صحفي، من استخدام جبهة “البوليساريو” طائرات مسيّرة إيرانية لتهديد أمن وسلامة المغرب، مؤكداً أن بلاده “ستتصرف بقوة وستكون عواقب وخيمة على جبهة (البوليساريو)”.
ولم يقدم هلال تفاصيل أخرى عن طبيعة الردّ المغربي في حال استعمال الطائرات المسيّرة الإيرانية، إلا أنه أكد أن “الأمر سيترك للقوات المسلحة الملكية لتحديد كيفية الردّ”، واصفاً تزويد “البوليساريو” بتلك الطائرات بـ” الخطير جداً”.
وتأتي التهديدات المغربية، بالتزامن مع تداول تقارير استخباراتية، خلال الأيام الماضية، حول تسليم إيران جبهة “البوليساريو” طائرات مسيّرة لضرب المغرب.
إلى ذلك، اتهم هلال إيران بتسليح “البوليساريو” بأسلحة متطورة بينها طائرات مسيّرة، لافتاً إلى أن طهران و”حزب الله” اللبناني انتقلا الآن من التدريب إلى تسليح الجبهة الانفصالية، “وهو أمر خطير جداً، إذ بعدما عملا على زعزعة استقرار اليمن وسوريا والعراق يعملان الآن على زعزعة استقرار منطقتنا”.
وفي سياق اتهامه إيران، عرض هلال صوراً لطائرات مسيّرة قال إن طهران سلمتها إلى جبهة “البوليساريو”، لافتاً إلى أن سعرها يتراوح بين 20 و22 ألف دولار، وأن شراء طائرة واحدة كفيل بإطعام 300 شخص في السنة في مخيمات تندوف (جنوب الجزائر) وتقديم العلاج لـ500 شخص وتعليم 120 طفلاً.
قرار أممي
وأتت تلك التصريحات بعد أن سلط تقرير مجلس الأمن الدولي بتمديد ولاية بعثة المينورسو إلى الصحراء المغربية لغاية نهاية أكتوبر/تشرين الأول من العام القادم الضوء على نجاح الدبلوماسية التي أرسى قواعدها العاهل المغربي الملك محمد السادس ضمن جهود حل النزاع المفتعل سلميا وعبر القنوات الأممية وعلى أساس ثابت وطني غير قابل للتفاوض أو المساومات لا يخرج عن مقترح الحكم الذاتي تحت سيادة المملكة.
ويضاف القرار الدولي إلى رصيد النجاحات التي تحققها الدبلوماسية المغربية بعيدا عن الضجيج الإعلامي والمزايدات السياسية وبما يتناسب مع الحفاظ على الثوابت الوطنية ومنها مغربية الصحراء التي قال العاهل المغربي إن المملكة تنظر لعلاقاتها الخارجية من خلالها.
وثمن المغرب موقف مجلس الأمن المتعلق بتمديد ولاية بعثة المينورسو وذلك في إطار القرار عدد 2654. وكان المجلس قد دعا الخميس إلى “استئناف المفاوضات” حول نزاع الصحراء للتوصل إلى حلّ “دائم ومقبول للطرفين”، ومدد مهمة بعثة الأمم المتحدة في المنطقة لعام.
وأفادت الخارجية المغربية في بيانها الخميس بأن تبني مجلس الامن للقرار ياتي “في سياق يتسم بالإنجازات الهامة التي تحققت تحت قيادة الملك محمد السادس، في الملف خلال السنوات الماضية”.
واضافت الخارجية “أن القرار يجسد الدعم الدولي المتزايد من قبل بلدان مهمة ومؤثرة للمبادرة المغربية للحكم الذاتي، وفتح أكثر من 30 قنصلية عامة في مدينتي العيون والداخلة” موضحة ان “التمديد يؤكد عدم اعتراف أكثر من 84 في المائة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بالكيان الوهمي، إضافة إلى التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تعرفها الأقاليم الجنوبية، هذه الدينامية الإيجابية”.
وأفادت الخارجية المغربية ان التمديد “جاء ليكرس المكتسبات السابقة للمغرب خاصة فيما يتعلق بصيغة “الموائد المستديرة” كاطار وحيد للنقاش بهدف التوصل إلى حل نهائي للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية”.
وأوضحت الخارجية المغربية ” ان القرار هو تأكيد للفاعلين في المسلسل السياسي، الذين يتحملون مسؤولية قانونية وسياسية وأخلاقية في إيجاد الحل” وهو ما اعتبرته ” دعوة للمغرب والجزائر وموريتانيا و(البوليساريو) إلى مواصلة الالتزام بهذا المسلسل طيلة مدته، بروح من الواقعية والتوافق، بهدف تسويته”.
وكلف المجلس المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا، تيسير استئناف المسلسل السياسي والبناء على الإطار الذي أرساه المبعوث الأممي السابق هورست كوهلر في جولتين من المفاوضات عُقدتا في جنيف نهاية 2018 وربيع 2019، وشارك فيهما ممثلون عن المغرب والجزائر وموريتانيا وجبهة البوليساريو الانفصالية التي تنازع المغرب السيادة على أقاليم الصحراء الغربية الساقية الحمراء ووادي الذهب.
كما حث قرار مجلس الأمن الدول الثلاث والبوليساريو على “مواصلة التزام هذا المسار بروح من الواقعية والتوافق بهدف تسويته”.
وفي أول رد مغربي رسمي على القرار الجديد لمجلس الأمن قالت وزارة الخارجية إن تبني هذا القرار يندرج في سياق يتسم بالمكتسبات الهامة التي تحققت تحت قيادة الملك محمد السادس في الملف خلال السنوات الماضية.
تسليح مليشيات البوليساريو الارهابية
وكان عضو الأمانة العامة للجبهة الانفصالية، عمر منصور، قال خلال زيارته الشهر الماضي لموريتانيا، إن “البوليساريو” تعتزم استعمال طائرات مسيّرة مسلحة ضد الجيش المغربي المرابط على طول الجدار الأمني المغربي في الصحراء.
وغرذ ما يسمى بزعيم مسلشيات البروليساريو “ابراهيم غالي” على موقع تويتر قائلا : “المستشار الذي كان نصح فخامتي بغلق ثغرة الگرگرات نصحني اليوم بإستخدام الدرون الإيراني، أتمنى أن يكون على صواب هذه المرة.”
وتأتي هذه التطورات بعد أسابيع على اتهام وزير خارجية المغرب ناصر بوريطة، إيران بـ”تهديد السلم الإقليمي والدولي”، معتبراً أنها أضحت هي “الراعي الرسمي للانفصال ودعم الجماعات الإرهابية في عدد من الدول العربية”.
وقال وزير الخارجية ناصر بوريطة، في مؤتمر صحفي عقده مع نظيره اليمني أحمد عوض بن مبارك، في الثالث من أكتوبر/تشرين الأول الحالي بالرباط، إن “طهران، بتبنيها لفاعلين غير حكوميين مسلحين، أصبحت تهدد السلم الإقليمي والدولي، عن طريق حصول هؤلاء الفاعلين على أسلحة وتقنيات متطورة، على غرار الطائرات المسيّرة”.
وحمّل بوريطة المجتمع الدولي مسؤولية تطور الأوضاع في حال عدم تصديه للجانب الإيراني، معتبراً أن إيران “هي الممول والداعم الرسمي للانفصال والجماعات الإرهابية عبر تسهيل حصولهم على أسلحة متطورة، فضلاً عن تدخل طهران في الشؤون الداخلية للدول العربية سواء بشكل مباشر أو غير مباشر عن طريق جماعات إرهابية مسلحة”. وأضاف: “المغرب بدوره يعاني مما تقوم به إيران بهذا التدخل”.
وكان المغرب قرر في الأول من مايو/أيار 2018 قطع علاقاته الدبلوماسية مع إيران، وطلب من سفيرها مغادرة الرباط، واستدعاء سفيره من طهران، في خطوة كانت كلمة السر فيها هي الصحراء، إذ أعلن وزير الشؤون الخارجية ناصر بوريطة حينها أن الجمهورية الإيرانية تقدم دعماً “مالياً ولوجستياً” لجبهة “البوليساريو” الانفصالية عن طريق “حزب الله” اللبناني الذي يوفر أيضاً تدريبات عسكرية للجبهة.
في المقابل، اعتبرت الخارجية الإيرانية حينها أن “المغرب يصدّر مزاعم ليس لها أساس من الصحة، بل إنها اجترار للاتهامات ضد إيران من الذين يرغبون في بث الشقاق والفرقة في العالم الإسلامي”.
يُذكر أن قضية المسيّرات الإيرانية أثارت الجدل مؤخراً في أوروبا، بعد اتهامات غربية بتزويد روسيا بعدد منها، الأمر الذي يخالف القرارات الدولية والعقوبات المفروضة على إيران.
وتطرق السفير المغربي في الامم المتحدة عمر هلال في الندوة الصحافية التي عقدها بمقر مجلس الأمن وفق ما نقله موقع هسبرس المغربي لقرار التمديد قائلا انه يكرس واقعية الحكم الذاتي”.
واضاف” أن مجلس الأمن الدولي اعترف بضرورة الاتجاه نحو حل مشكلة الصحراء المغربية وفقا للحل السياسي المتسم بالواقعية والبراغماتية والاستدامة؛ ما يتطلب أهمية التوافق بين أطراف النزاع”.
وشدد السفير ” أن القرار الأممي الجديد كرّس واقعية وجدية مبادرة الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية للمغرب، باعتبارها الحل السياسي الوحيد لهذا النزاع في إطار سيادة المملكة”.
ووجه السفير انتقادات لموقف الجزائر قائلا ” أن القرار الأممي أشرك الجزائر في النزاع وطالب السلطات الجزائرية بالمشاركة في الدوائر المستديرة، حيث اعتبرها طرفا أساسيا في الملف؛ وذلك على غرار التقارير السابقة للأمين العام للأمم المتحدة، التي أكدت المسؤولية المباشرة لدولة الجزائر في إطالة أمد النزاع”.
وانتقد السفير المغربي ما يحصل من تجاوزات في مخيمات تندوف قائلا ” ان المخيمات لا تتوفر على أي إطار مدني؛ بل إن البوليساريو منعت كل الجمعيات المدنية، بناء على نصوصها التنظيمية، لأنها تعتبر نفسها الممثل الوحيد للاجئين بالمخيمات، وهو ما لم يكن موجودا حتى بالحرب الباردة مع الأنظمة الديكتاتورية”.